قطر.. وكشف المستور.. والعميل ”جاسم”!
كان السؤال الذي يتردد دائما طوال الفترة الماضية وعلي كافة المستويات يتعلق بمصلحة قطر في دعم الإرهاب وتمويل واحتضان الإرهابيين.. وكان هناك دائما شعور من الاستغرب للدور القطري المشبوه.. وكيف تورطت قطر في هذه القضايا.
وكنا نتحدث في ذلك عن الأصابع الإسرائيلية والأمريكية في توجيه السياسات القطرية وتحويل الدوحة إلي المركز لتوجيه عمليات الإرهاب واستغلال قناة الجزيرة لتبرير هذه العمليات وتشجيع القيام بها.
وأتت المعارضة القطرية مني السليطي شقيقة جاسم السليطي وزير الاتصالات والمواصلات القطري حاليا لتوضح وتفسر الغموض والتساؤلات حول الموقف القطري.
وقالت السليطي ان الديوان الأميري في قطر ليس ذراعا لإيران وإسرائيل فقط وإنما هو عبارة عن إدارة عليا لكل التنظيمات والإرهابيين الموجودين علي أرض قطر.
ومضت السليطي تقول ان إسرائيل متواجدة بقوة داخل قطر والتنسيق قائم وحاضر معها.
وما قالته السليطي يفسر كل ما قامت به قطر والدور المرسوم والمخطط لها.
***
أما كيف حدث ذلك... وكيف خرجت قطر بسهولة من العباءة العربية فإننا يجب أن نعود لقراءة الأحداث منذ عام .1995
ففي عام 1995 فإن الأمير حمد بن خليفة انقلب علي والده الشيخ خليفة آل ثاني أثناء وجود الأخير في لندن في زيارة خاصة وتولي الحكم ومنع والده من العودة لقطر.
ومع تولي الأمير حمد للحكم فإن سياسات قطر أصبحت في يد رجل إسرائيل القوي في الدوحة وعميليها الأول الشيخ حمد بن جاسم الذي أصبح وزيرا للخارجية.
وبنصيحة إسرائيلية فإن حمد بن جاسم كان عراب عملية شراء قناة ال "بي.بي.سي" باللغة العربية من لندن وتحويلها إلي قناة "الجزيرة" في الدوحة ولم يفطن العرب إلي أهمية هذه الخطوة التي كانت بداية لدور جديد للإعلام يمنح قطر قوة ومكانة لم تكن تحلم بهما.
واستغلت إسرائيل من خلال رجلها حمد بن جاسم "الجزيرة" في تفجير "الدمامل" داخل العالم العربي واثارة القضايا الخلافية المزمنة بهدف تأليب وإثارة الشعوب العربية علي حكامها وبهدف يمكن خلافات الحدود والصراعات العربية.
وأدت "الجزيرة" دورها باحترافية فبدأت بالهجوم علي السعودية ثم مصر وكان الهدف واضحا وهو افقاد الدولتين هيبتهما وتأثيرهما والايحاء بأن عصر الكبار قد انتهي.
وانتبهت الدول العربية متأخرا إلي خطورة سموم "الجزيرة" حيث بدأت في إنشاء القنوات الفضائية الخاصة بها وفي منح مساحة أكبر لحرية التعبير لوسائل إعلامها بهدف مواجهة "الجزيرة" والحد من تأثيرها.
***
ولكن "الجزيرة" كانت تعمل وفقا لخطة موضوعة وتوجيه سياسي وإعلامي واضح بينما كانت الفضائيات العربية المنافسة تعمل برؤية اجتهادية وبسياسة رد الفعل!
ونجحت "الجزيرة" في الدور المرسوم لها في الاتجاه المعاكس للتوجهات العربية.. وكانت فيما بعد هي الأساس الذي انطلقت منه ثورات الربيع العربي التي تمت بتخطيط وتحريض من اطراف عديدة كانت تسعي من ورائها إلي احداث حالة من الفوضي والانقسام داخل العالم العربي.
وعندما قام الشعب المصري بتصحيح المسار ومساندة جيشه في إعادة الدولة المصرية إلي كيانها ودورها ومكانتها فإن "الجزيرة" وظفت امكانياتها لإثارة الشكوك وتضخيم الأحداث في مصر واستمرت علي نفس سياساتها الرامية إلي إضعاف مصر وابعادها عن ساحة التأثير والقرار.
وعبرت مصر عن غضبها مرارا وتكرارا من التدخلات القطرية ومن سياسات "الجزيرة" ولم يجد هذا الغضب تجاوبا يذكر من دول مجلس التعاون الخليجي التي ظلت غافلة عن حقيقة الدور القطري وسموم "الجزيرة".
وتغيرت الأمور بعد أن اتضح دور قطر في الاستعانة بإيران وفي مساندتها لعمليات الإرهاب وتمويل قواعدها وفي اقتراب الخطر المباشر إلي السعودية من العدو الأكبر إيران التي أصبحت لها حليف جديد في المنطقة.
وتحركت السعودية ومعها الإمارات والبحرين لينضموا إلي مصر في تحالف يهدف لتصحيح الأوضاع وسد الثغرات التي نفذت منها إسرائيل وايران إلي المنطقة.
***
وتحرك التحالف الجديد كان قويا ومؤثرا وان كان قد جاء متأخرا فقد كان لابد من وقفة حازمة قبل ذلك بسنوات مع قطر ومع تدخلاتها ومغامراتها وقدم التحالف قائمة من المطالب لقبول إعادة العلاقات مع قطر وإنهاء الأزمة معها وكان من أبرزها إغلاق قناة "الجزيرة".
وسارعت قطر إلي الرد علي ذلك بتجنيد المنظمات الحقوقية والإعلامية حول العالم لتصوير "الجزيرة" علي انها ستكون الضحية وان ما يحدث هو تكميم وقمع لحرية العلام والتعبير.
وركزت قطر علي "الجزيرة" وتجاهلت بقية الشروط الأخري لأنها تعلم وتدرك ان مجال المناورة فيها ضعيف ومستحيل.
وقضية "الجزيرة" لا تتعلق بالإغلاق أو التوقف عن البث ولكنه قضية ذات ملفات عديدة تتعلق بإثارة الفتن والأزمات وتضليل الفكر العربي وتزييف الحقائق وفبركة الأحداث وهي قضايا كان لزاما اتخاذ موقفه بشأنها مادامت قطر تعي ان "الجزيرة" لا تمثلها وأنها غير مسئولة عنها.
وإذا كانت قطر تصر علي مقولة ان "الجزيرة" لا تمثلها فإن قرار إغلاقها لن يضرها أو يؤثر علي مصالحها.
ولكن قطر لن تغلق "الجزيرة" ولن ترضخ للضغوط في ذلك فالجزيرة هي قطر وقطر هي الجزيرة والدور القطري المرسوم للدوحة ينطلق من "الجزيرة" التي تتلقي ارشاداتها من رجل إسرائيل حمد بن جاسم والموجود في الصورة دائما!
***
ومع أول أيام العيد نذهب إلي المقابر كعادة كل أبناء الريف لنقرأ الفاتحة علي الذين سبقونا إلي الدار الآخرة ونترحم علي الأهل والأقارب والأصدقاء ونتذكر رجالا ونساء كانوا ملء السمع والأبصار ولم يعد بقيا من ذكراهم إلا قطعة صغيرة من الرخام وقد نقش عليها.. هنا يرقد فلان.. وفي هذا التاريخ رحل عن دنيانا فلان!!
ولا قيمة في زيارة القبور إلا إذا كان في الزيارة درس يعيد تذكرنا بأن الرحلة قصيرة وقصيرة جدا ونهايتها تنحصر في اللوحة الصغيرة التي قد نترحم علي صاحبها أو نشيح بأبصارنا عن قبره والدنيا كلها مجرد ذكري. ندعو ونتمني ونأمل أن تكون طيبة.. وكل عام وأنتم بخير.
