روسيا ضد السعودية في صراع السيطرة على سوق النفط الصيني
بقلم / محمد عبد الخالق الجورنالجيأدى انهيار أسعار النفط الخام خلال العامين الماضيين إلى حدوث تقارب غير مسبوق بين أكبر بلدين مصدرين للنفط في العالم، العربية السعودية وروسيا، والعمل معا من أجل رفع أسعار النفط العالمية ومواجهة شركات النفط الصخري الأمريكية التي أصبحت من كبار اللاعبين والمؤثرين في سوق النفط العالمي خلال السنوات الأخيرة.
ما عطل حدوث هكذا توافق حتى هذا الوقت منذ انهيار الأسعار، هو تنافس الدولتين على الفوز بأسواق الأسيوية و السوق الصيني على وجه التحديد، حيث تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم .
في العام الماضي كان للتنسيق والتفاهم بين روسيا والسعودية دور محوري للتوصل إلى اتفاق خفض النفط الأول من نوعه خلال سنوات عديدة، بهدف إعادة التوازن إلى العرض والطلب في والقضاء على التخمة التي يعاني منها سوق النفط العالمي.
وعندما لم يحقق الاتفاق الأولي أهدافه، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال مؤتمر في الصين، واتفقا على تمديد العمل بخفض الإنتاج تسعة أشهر إضافية.
وقال الخبير الاقتصادي أمين قسوم:"النفط موجود الان على مفترق طرق وأي قرار سياسي أو اقتصادي بامكانه التأثير على مصيره "
لكن رغم هذا التفاهم والتنسيق الحاصل على أعلى المستويات بين الدولتين فإن الفوز بأكبر حصة من الكعكة الصينية يبقى خيارا استراتيجيا لا تنازل عليه بالنسبة لروسيا والسعودية على حد سواء.
والطرفين في الوقت الحالي يقومان فقط بالقيام بتنازلات تكتيكية مرحلية في ظل أزمة الأسعار الحالية. ففي جميع الأحوال من الأفضل لهما العمل معا وإلا كانت الخسائر أكبر بكثير.
التنافس على سوق النفط في آسيا ليس بالأمر الجديد، ولكن حدة هذا الصراع زادت خلال السنوات الماضية لأسباب مختلفة بالنسبة للدولتين السعودية وروسيا.
العقوبات على روسيا:
بعد الأزمة الأكرانية وقيام روسيا بضم جزيرة القرم، فرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية على الروس، وكان قطاع الطاقة الروسي من أكبر المتضررين من هذه العقوبات لذلك اتجهت أنظار الدب الروسي إلى التركيز على الشرق من أجل إيجاد أسواق بديلة.
ففي عام 2014 وقعت روسيا والصين على اتفاق تبلغ قيمته حوالي 400 مليار دولار، تقوم بموجبه روسيا بتزويد الصين بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب على مدار 30 سنة.
الجهود الروسية لم تقتصر على الغاز فقط ، فقد أشارت تقارير صادرة عند بداية العام الحالي، أن روسيا تفوقت على السعودية و أصبحت أكبر مزود للنفط الخام بالنسبة للصين خلال عام 2016 ، بعد أن إرتفعت الواردات الروسية من النفط الخام بمقدار 25% مقارنة بعام 2015 .
الصين بدل أمريكا:
على مدى عقود كانت الولايات المتحدة أكبر زبون للنفط السعودي ، و لكن مع ظهور النفط الصخري فقدت السعودية حصتها من السوق الأمريكي بشكل تدريجي ، و هذا ما دفعها من أجل البحث على أسواق جديدة ، ومرة أخرى إتجهت إلى الشرق .
الاهتمام السعودي بالسوق الصيني بدأ منذ زمن، وبالتحديد في 2006، عندما قام الملك السابق عبد الله بزيارة إلى الصين، أسفرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات النفطية، وكان نتيجة ذلك تربعت السعودية على عرش أكبر مزود للصين بالنفط الخام لسنوات عديدة حتى عام 2016 كما ذكرنا.
وفي مارس/آذار الماضي من العام الجاري قام الملك سلمان بزيارة الصين، وأعلن عن شراكة استراتيجية بين الدولتين، وتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم تقدر قيمتها بنحو 65 مليار دولار تشمل القطاعات التجارية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
الطلب الصيني على النفط الخام والطاقة بصفة عامة ما فتئ ينمو بصورة مطردة خلال الأعوام الماضية، ومن المرجح ان يلعب دورا رئيسيا في أسواق النفط العالمي خلال الأعوام القادمة الى جانب الهند ودول شرق آسيا الأخرى.
لذلك من المرجح أن يستمر التنافس بين منتجي النفط من أجل الحصول على أكبر نسبة من هذا السوق الواعد.