الإعلام من أجل مساواة النوع الاجتماعي: المؤشرات الخاصة باليونسكو

تحقيق " مساواة النوع الاجتماعي " في مجتمعاتنا العربية الذكورية يبدو هدفا مستحيلا للبعض وبعيدا للبعض الآخر.

فما المقصود ب "النوع الاجتماعي" وتحديدا " مساواة النوع الاجتماعي " ؟

" مساواة النوع الاجتماعي " تعني أن يكون للنساء والرجال فرصة متساوية لممارسة حقوقهم كاملة وأن" يعطي المجتمع قيمة متساوية لنقاط التشابه والاختلاف الرجال بين والنساء والأدوار المختلفة التي قد يختارون القيام بها"

لعلّ هذه المساواة منشود صعب المنال ولكنه ممكن. وعلى الإعلام أن يساهم في ذلك بنجاعة لأنه يتميز بالقدرة على التأثيروالإقناع وبامتداد نفاذه إلى الجمهور.

لابد على الإعلام وعلى العمومي منه بصفة خاصة لما يناط به من مهام الخدمة العامة أن يقوم بإدماج مقاربة تراعي النوع الاجتماعي في كافة أنشطته خاصة في كل ما يرتبط بسياسته وبرامجه وإجراءات توظيف موظفيه وتقييمهم لتحقيق مساواة النوع الاجتماعي" على جميع المستويات داخله ويمكن أن يتم ذلك على صعيدين اثنين : التشغيل والمحتوى.

فهل لدينا معطيات دقيقة عن واقع تمثيل النوع الاجتماعي في الإذاعات والتلفزيونات العربية؟

لا. نلاحظ عدم توفّر دراسات ومعطيات محيّنة ودقيقة حول واقع التنوّع الاجتماعي في الهيئات الإذاعية والتلفزيونية.

واستنادا إلى بعض الإحصائيات والمعطيات الواردة في عدد من المصادر والمقالات الصادرة عن بعض الخبراء والمنظمات المختصة، يمكن أن نخلص إلى الاستنتاجات التالية :

على مستوى المضمون:

- نمطية سائدة على مستوى المضامين والرسائل الإعلامية

إذ تتم إعادة إنتاج ما هو سائد في المجتمع

- طغيان الصورة السلبية للمرأة والتركيز على الأدوار التقليدية

- عدم التوازن في تناول المواضيع التي تعني المرأة

- حضور غير كاف للمرأة كمختصة وخبيرة حتى تسلّط نظرتها على الأحداث وعلى المواضيع التي تهم الرجل والمرأة.

- عدم توفّر المواد الإعلامية الكافية التي تتصدى للمفاهيم الخاطئة والتي تعرف بحقوق المرأة.

على مستوى المسار المهني:

بالرغم من ارتفاع عدد العاملات في الميدان الإعلامي، نلاحظ :

1- حضورا أكبر للرجال في مواقع صنع القرار فهم الذين يسيرون ويديرون

2- عدد النساء اللواتي يشغلن وظائفا هندسية في المجالين الإذاعي والتلفزيوني يبقى محدود جدّا. ففي الإذاعة التونسية على سبيل المثال’ يبلغ عدد النساء العاملات في قطاع الإدارة 35% و 19 % في القطاع الهندسي أما في قطاع التحرير والإنتاج فلهن الأغلبية ، إذ يمثلن 60 % من مجموع العاملين.

أما بالنسبة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري سابقا (الهيئة الوطنية للإعلام حاليا) فإن نسبة النساء العاملات بقطاع الإدارة يبلغ %52و 43 % في قطاع التحرير والإنتاج و20 % في القطاع التقني.

( المصدر : المؤتمر الدائم للوسائل السمعية والبصرية بالمتوسط COPEAM / 2015)

3- عدم توفّر عدد كاف من برامج التدريب والتأهيل للكوادر الإعلامية النسائية لتمكينهن من تناول سائر الملفات الإعلامية.

فكيف يمكن مساعدة التلفزيونات والإذاعات العربية على إدماج النوع الاجتماعي والمساهمة في تغيير الواقع الاجتماعي العربي الظالم للمرأة؟

كان هذا السؤال الجوهري محور ورشة الأعمال الإقليمية التي نظمتها اليونسكو في عمان (الأردن) انطلاقا من 30.07.2017 والموجهة إلى التلفزيونات والإذاعات العربية حول "مؤشرات المساواة بين الجنسين في الإعلام الخاصة باليونسكو" التي من شأنها أن تمكّن المؤسسات الإعلامية من تقييم مدى مراعاتها للنوع الاجتماعي أي للمساواة بين المرأة والرجل داخلها والمجتمع المدني من متابعة مدى اعتماد " مساواة النوع الاجتماعي " في وسائل الإعلام.

ومن بين هذه المؤشرات تلك التي تهم التوازن في دوائر القرار :

- نسبة النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في وسائل الإعلام

- السياسات الناجعة التي تستهدف المساواة في الفرص وآليات تطبيقها

- الميزانية المخصصة لدعم السياسات العامة المتعلقة بالمساواة في الفرص

- وجود نظام الحصص الذي يشجع تمثيل النساء في دوائر القرار

وأخرى تهم مساواة النوع الاجتماعي في مجال التوظيف وشروط العمل مثل :

- وجود أنظمة لمتابعة وتقييم مساواة النوع الاجتماعي في مكان العمل

- النسب المائوية للنساء العاملات والرجال العاملين في مختلف مصالح الهيئة الإعلامية

وغيرها من المؤشرت الخاصة بمراعاة النوع الاجتماعي في المحتوى الذي يقدّمه الإعلام ڪ:

- نسبة النساء والرجان الذين تتم محاورتهم بشكل مباشر أو ذكرهم كمصادر للمعلومات

- نسبة التقارير التي تحتوي على الصور النمطية للمرأة والرجل

نسبة النساء والرجال الذين يتم وصفهم كناجين، إلخ.

وتقوم اليونسكو حاليا بمتابعة خطة العمل من أجل مساوة النوع الاجتماعي التي شرعت كل هيئة إذاعية و/ أو تلفزيونية مشاركة في الورشة في إعدادها.

فهل سيتمكن كل من شارك في هذه الورشة من إقناع كبار المسؤولين بهيئته بضرورة اعتماد خطة العمل للسنة المقبلة والشروع في تنفيذها؟ وهل سيتمكن من تخطي العراقيل التي ستعترضه؟