مناقصة عالمية لـ«مشتقات الدم» خلال أيام
“الاستيراد والسوق السوداء”.. ملخص الأزمات التي يعانى منها القطاع الصحى طوال السنوات الماضية، فارتفاع أسعار المواد الخام أسهم بقدر كبير في ارتفاع “فاتورة الاستيراد”، كما أن غياب الرقابة الحقيقية على القطاع كان سببًا رئيسيًا في ظهور وتنامى وتضخم السوق السوداء، التي بدأ يلجأ إليها المرضى بعدما ترسخت لديهم ثقافة عدم توافر الدواء لدى المنافذ الرسمية.
المناقصات
وفى إطار مواجهة الدولة للأزمات السابقة، تم اللجوء إلى سيناريو “المناقصات”، والذي نجح في العام الماضى، وعرف وقتها بـ”مناقصة برلين”، والعام الحالى من المتوقع التوسع في هذا الأمر، والعمل في الوقت ذاته على دعم الصناعة المحلية، بإنشاء مصانع جديدة تسهم بشكل كبير في تخفيض فاتورة ومعدلات الاستيراد من الخارج.
الدم
مشتقات الدم.. واحدة من المستحضرات الحيوية المهمة المنقذة للحياة، أغلبها مستورد لعدم إنتاجها محليًا، تمثل شريان الحياة لـ “الآلاف من المرضى” في مصر سواء مرضى النزف الوراثى “الهيموفيليا والثلاسيميا” الذين يحتاجون إلى نقل دم باستمرار بمشتقاته أو أمراض الفشل الكلوى والعلاج الكيماوى والإصابات الكبدية والحروق، حيث يستخدمون حقن مناعة أو ألبومين بشرى، أو الحوامل اللاتى يحتجن إلى حقن “ANTI RH”.
كل عام تتجدد أزمة نقص تلك المستحضرات ويعانى المريض من عدم توافرها بسهولة ويقع فريسة لتجار السوق السوداء، إلا أن وزارة الصحة قررت مؤخرًا التغلب على الأزمة تلك عن طريق طرح مناقصة عالمية تتولى مسئوليتها شركة خدمات نقل الدم، لأول مرة، وزيادة الكميات المطروحة خلال المناقصة من خلال حساب حجم الاستهلاك العام الماضى وزيادة الكميات بنسبة 25% لسد أي عجز بالسوق.
فاكسيرا
من جانبها قالت الدكتورة منال نور، رئيس شركة خدمات نقل الدم، التابعة للشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات “فاكسيرا”: هناك أنواع من مشتقات الدم التي يتم إنتاجها داخل الشركة منها “الكرايو والبلازما المجمدة والبلازما الطازجة، وكذلك الصفائح الدموية وكرات الدم الحمراء المفلترة بجميع أنواعها من خلال الدم الذي يجمع من حملات الدم، ومشتقات الدم المستوردة تتضمن “الألبومين” البشري، حيث يتم استهلاك 750 ألف جرعة سنويا لوزارة الصحة فقط، بينما السوق المصرية كلها سواء الجامعات أو القطاع الخاص وجهات عدة أخرى يبلغ حجم الاستهلاك بها مليونا ونصف المليون جرعة تكفى الاحتياجات الخاصة بالمرضى المستخدمين للألبومين.
أسباب الأزمة
وحول أسباب النقص التي عانت منها السوق لفترة، أرجعت “د. منال” الأمر إلى عدم وجود تنظيم عملية الاستيراد لدى الجهات الحكومية والشراء من مكان موحد، وهو ما أسهم في تنامى ظاهرة “الاستيراد العشوائى”، بينما الآن توجد جهة واحدة مسئولة عن الاستيراد، فيما قام الدكتور أحمد عماد وزير الصحة والسكان بحل الأزمة العام الماضى من خلال إسناد مسئولية استيراد مشتقات الدم من خلال مناقصة عن طريق القوات المسلحة، والتي وفرت جميع مشتقات الدم ولم يوجد نقص خلال الفترة الماضية مثلما كان يحدث في الأعوام السابقة.
وتابعت: لأول مرة هذا العام 2018 - 2019 سيتم إسناد طرح مناقصة لاستيراد مشتقات الدم إلى شركة خدمات نقل الدم، حيث تم الانتهاء من إعداد كراسة الشروط والمواصفات، وسيتم طرحها خلال يومين للشركات العالمية لكى تتولى مسئولية توفير احتياجات مشتقات الدم إلى وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية وجزء من القطاع الخاص ومستشفيات التأمين الصحي.
وأكدت الاعتماد حاليًا على الاستيراد لحين التخلص منه بعد الانتهاء من إنشاء مصنع مشتقات الدم الجديد ليغنى عن الاستيراد، لافتة إلى أنه يتم توفير احتياجات وزارة الصحة من مشتقات الدم بقيمة مليار جنيه.
150 ألف جرعة
وأوضحت أن احتياجات السوق المصرية من حقن “ANTI RH” للحوامل تبلغ 150 ألف جرعة سنويا، وكذلك حقن “فاكتور 8” 100 ألف جرعة لمرضى سيولة الدم والنزف وحقن “فاكتور 9” تبلغ الاحتياجات 15 ألف جرعة.
وتابعت: حقن الأجسام المضادة، إحدى مشتقات الدم التي تعطى للمواليد للوقاية من الإصابة بفيروس التهاب الكبدى (ب) في حالة إصابة الأم بالفيروس، ويوجد منها مخزون 1000 جرعة بصيدلية المصل واللقاح، كما تضم احتياجات الدولة من حقن الأجسام المضادة من 150 إلى 175 ألف جرعة.
2 مليار جنيه
وأشارت إلى أن حجم الاستيراد للسوق بأكملها يبلغ مليارى جنيه منها مليار فقط نصيب وزارة الصحة، والمصنع الجديد لمشتقات الدم تبلغ تكلفته 6 مليارات جنيه، أي بقيمة استيراد 3 سنوات، وبعد ذلك نحقق اكتفاءً ذاتيًا بالمنتجات التي تصنع محليا توفيرا للنفقات، وهذه الكميات تغطى احتياجات الدولة بعد حساب حجم الاستهلاك العام الماضى وزيادة نسبة 25% احتياطية لسد العجز لتغطية السوق بالكامل وعدم حدوث نقص.
وواصلت حديثها: “مشتقات الدم متوفرة في صيدلية المصل واللقاح على مدى الـ24 ساعة، ويمكن التواصل مع الخط الساخن للاستعلام عنها 1958 وفقا لتسعيرة جبرية، ولغير القادرين يمكن شراؤها من خلال قرارات نفقة الدولة لمنع لجوء المواطنين لشرائها من السوق السوداء بأضعاف الثمن، وسيتم افتتاح فروع لصيدلية المصل واللقاح بعدد من المحافظات، وأول فرع قريبا في شبرا الخيمة متوفر فيه الخط الساخن، كما يتم الصرف بعملية منظمة لضمان وصوله لمستحقيه لذا يتم صرفه على قدر الاحتياج فقط بتقارير طبية من مستشفى، لأنه لا يجوز أن يشترى المريض عددا من مشتقات الدم أكثر من حقنة ثم يرجعها مرة ثانية للشركة في حالة عدم الحاجة إليها لعدم التأكد من أمانها فحينما تخرج من ثلاجة الصيدلية لا ترد ولا تستبدل”.
6 شركات
وأشارت إلى أن المناقصة تتقدم إليها جميع الشركات العالمية وبلغ عددها 6 شركات تتولى إنتاج مشتقات الدم عالميا وتوفر من خلال الوكيل المصري، موضحة وجود شركات قطاع خاص تستورد مشتقات الدم، والتوفير ليس مقصورا على شركة خدمات نقل الدم فقط، لكنها تبيع بالتسعيرة الجبرية، بينما الخاص يروجها في السوق السوداء منها على سبيل المثال توفير حقن “أنتى آر إتش” بــ 720 جنيهًا في المصل واللقاح والسوق السوداء تصل إلى 1500 جنيه.
