نحن والغرب ... وإختلاف الثقافات
الجورنالجيبقلم ـ أشرف الديب
بعد أن شهدت فترة الخمسينات والستينات أعلى مراحل الإزدهار الثقافى ، وكانت مصر فى صدارة الدول التى تهتم بالأدب والثقافة ، بقيادة جيل من العلماء والأدباء والمفكرين ، فى شتى المجالات الثقافية .
تهاوت الآن كل هذه الأشياء وأصبحنا جيل بلا فكر أو ثقافة ، ولكن ما الذى أصابنا ، ولماذا إختفت القراءة القراءة من حياتنا ، وأصبحنا عبيداً لعالم إفتراضى يدعى " الفيسبوك " ، فى الوقت الذى أرى فيه شباب الغرب يهتم بالكتاب ويعتبره الصديق الوفى ويأخذه معه فى كل مكان يذهب إليه ليتصفحه فى أوقات فراغه بكل شغف ، أليس شباب الغرب يعيشون فى زمن الأنترنت مثلنا ، ونحن نلصق به التهمة ، على أنه هو من أهم أسباب إبتعادنا عن القراءة ،أنه أذن ليس صراع أجيال ، بل هو إختلاف ثقافات ، علماً بأن الغرب سبقنا بمراحل فى التكنولوجيا ، لكنه لم يتجاهل الثقافة وعمودها الفقرى " القراءة " ، والشباب هناك يستخدمون الإنترنت فى كل شئ ، لكن الكتاب عندهم أساسياً ، لا يمكن الإستغناء عنه ، بل إن الإنترنت ساهم فى إنتعاش الكتاب الورقى عندهم نتيجة لتناوله للكتب بالعرض والتحليل ، وتخصيص بعض الصحف لملاحق أسبوعية لتقديم الكتب الجديدة ونقدها ، أتمنى أن أرى الكتاب فى أيدى الشباب والفتيات الذين أبتعدوا عن القراءة وأصبحوا مجاذيب الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الإجتماعى على شبكة الإنترنت . لذلك يظهر فارق الثقافة " جلياً " ، إذا ما قارنت بين شبابنا وشباب الغرب ، ونجد الثانى يسألك كثيراً عن مصر وتاريخها ويبدى فضوله لمعرفة الظروف الحالية التى يمر بها الشعب المصرى ، خاصة ً بعد ثورتى 25يناير و30 يونيو ، وتجده ملماً بمجريات الأمور ،ومهتماً بما يحدث حوله فى العالم ومتابعاً له ، أما شبابنا الصغير أو معظمه إذا أردنا الدقة فلا ينشغل إلا بمقررات الدرسة والإلتزام بالدروس الخصوصية والملازم الجامعية ، حتى يستطيع عبور إمتحانات آخر العام وبعدها يرمى الكتب فى أقرب سلة زبالة ! كما يرمى بالمعلومات التى حفظها عن ظهر قلب دون أن يفهمها أو يستوعبها على هامش الذاكرة .
هل هناك حل لتلك المشكلة الكبيرة ، التى تخلق جيلاً لايهتم ولا ينشغل إلا بدائرة ضيقة جداً ، ولايهتم بالشأن العام وبالتالى ينغلق على نفسه ولا يستطيع ألإنطلاق بفكره وإبداعه بعيداً عن تلك المساحة المحدودة للتفكير .
هناك بعض الحلول البسيطة فى رأيى ، أهمها عودة حصة القراءة إلى المدارس التى كانت مقررة علينا فى المرحلة الإبتدائية ، وتشجيع المتفوق فى القراءة وإعطائه درجات إضافية مثلما يفعلون مع المتفوق فى الإلعاب الرياضية ، وإقامة مسابقات بجوائز تشجيعية لأفضل قارئ ، والإهتمام الإعلامى بالإصدارات الجديدة من الكتب ، وتشجيع الإدباء المتميزين ، وتوجيه الدراما التليفزيونية للحديث عن سيرة أعلام الفكر والثقافة ، بذلك نعطى الشباب الجديد القدوة والمثل الأعلى ويحاول تقليده والسير على نهجه ، وقبل هذا وذاك يجب أن تتوافر فى الإرادة السياسية دعم الثقافة وفتح الآفاق لإنطلاق الفكر بحرية تؤمن بالحق فى الإختلاف ، وديمقراطية حقيقية تتيح للمبدع أن يؤثر فى الآخرين ويتأثر بهم ، أى أن يسود مناخ ثقافى صحى يسمح بتألق الإبداع وعلو شأن الإطلاع والقراءة .