الجمعة 29 مارس 2024 10:23 صـ 19 رمضان 1445هـ
الجورنالجي
  • رئيس مجلس الإدارة أحمد يس
  • رئيس التحرير علاء طه
مقالات

فيلم "تمبكتو" : الشاعرية و الجمال ضد التطرف و العنف و الجهل

الجورنالجي

بقلم - فاتن فرادي



"تمبكتو" فيلم كثر الحديث عنه في هذه الأيام، فاز بجائزة القيصر الفرنسية لأفضل إخراج و لأفضل سيناريو كما تم اختياره من بين



الأفلام المتنافسة على جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية لجوائز الأوسكار 2015 و لكنه لم يفز بالأوسكار.



أسال هذا الفيلم الكثير من الحبر و لعل السياق العالمي الحالي الذي يعاني من تفشي ظاهرة الإرهاب باسم الإسلام و سيطرة التنظيم



الإرهابي للدولة الإسلامية في العراق و الشام على عديد المناطق بسوريا و العراق و تغلغله في دول اخرى كان أفضل حاضن له.



فهو يروي قصة حي في تمبكتو، شمال مالي يرزح تحت سلطة متطرفين يفرضون قوانينهم الشرعية باسم الإسلام. خارج هذا الحي



تعيش عائلة كيدان بسلام بين كثبان الرمال الذهبية و لكن خلافا بينه و بين مالي أسود البشرة يغير مجرى حياة هذه العائلة.



عرض هذا الفيلم في قاعات السينما الفرنسية في ديسمبر 2014 و يعرض حاليا في إيطاليا.



إبان مشاهدته شعرت بحيرة و تضارب في الأفكار في داخلي و كنت أود أن أشاهده من جديد و ليس من الغريب علي أن أحتاج إلى



مشاهدة الأفلام عديد المرات حتى يتكون عندي رأي عنها و لكني بالنسبة ﻟ"تمبكتو"، أحسست بأن القصة لم تنته أو لم تكمل تتطورها



أو أنها انتهت بسرعة بالرغم من أن مدة الفيلم هي ساعة و 37 دقيقة .



ربما كان مرد إحساسي ذلك هو تعدد الشخصيات و الأحداث المتصلة بها في مساحة زمنية ضاقت بها. فهذا الفيلم هو فسيفساء من



القصص داخل قصة كبيرة : بائعة السمك التي أراد المتطرفون أن يجبروها على ارتداء القفازت، البنت الذي طلبها للزواج أحد



المتطرفين و بادر بتهديد الأم لإجبارها على القبول بذلك الزواج، الشباب الذين يجتمعون للغناء، إمام الحي ممثل الإسلام المعتدل



المستنير، عائلة كيدان، إلخ



أول ما يشد نظر المشاهد هو جمال الألوان في تلك الفسيفساء لتي قدهما المخرج عبد الرحمان سسكو قد أضفت على الفيلم اللمسة



الشاعرية التي أرادها المخرج طوال الفيلم و إن كان موضوعه أبعد ما يكون عن الشاعرية و أقرب إلى العنف و القهر و التطرف.



تنضاف إلى ذلك روعة الصور و الكادرات، صور تبوح بما لا تقوله الكلمات. يبدو أن المخرج أراد أن يبلغ رسائلا دون كلام كثير



و لعل الجملة التي قالها الطوارقي كيدان لزوجته تحت الخيمة " و أنت تفهمين طبعا حتى ما لا أقوله أيضا" هي جملة يوجهها سسكو



لم يعتمد الكلام الكثير و لا حتى رفع الصوت، حتى الشخصيات "الشريرة" ألا و هم المتطرفون المسيطرون على الحي كانت في



عنفها هادئة و هو مما عابه البعض على الفيلم في تقديمه لهاته الشخصيات . إذ رأوا في ذلك تقديما بالغ الاعتدال لهؤلاء المتطرفين لا



يعبر بما فيه الكفاية عن بشاعة إيديولوجياتهم و أفعالهم. كشف سسكو بالفعل للمشاهد عن عنف ممارسات هؤلاء الذين سيطروا على



المكان و لكنه راعى في تقديمه لهم الجانب الإنساني في شخصياتهم ( أحدهم يدخن خلسة و يخبر زوجة كيدان بمصير زوجها إشفاقا



عليها و آخرون يتكلمون عن لاعبي الكرة ميسي و زيدان و هم الذين يمنعون لعب الكرة...) و آثر ألا يسهب في عرض المشاهد



الأكثر عنفا كتلك التي رجم فيها رجل و امرأة. كان المشهد مخيفا و مؤثرا قبل حتى أن تلقى أول حجرة و بعدها انتقل بنا المخرج إلى



اعتدال، صوت لا يعلو و نسق بطيء أو بالأحرى هادئ في الفيلم و لكنه لم يكن بالنسبة لي على الأقل مملا البتة. فبين مشهد البداية



الذي تلاحق فيه سيارة المتطرفين غزالة تركض و مشهد الهروب و الركض في الأخير، تمر الأحداث بهدوء تفيقنا منه مشاهد جلد



لفتاة لأنها كانت جالسة في بيت مع ثلة من الأصدقاء و كانت تغني أو رجم لرجل و امرأة نفهم أنه كانت تربطهما علاقة جنسية خارج



إلى لمشاهد.



مشهد آخر.



إطار الزوجية.



من أبرز مميزات هذا الفيلم كذلك هو رمزيته العالية.



فما أكثر الرموز في هذا الفيلم و ما أحلاها.



نراها في البداية بمشهد غزالة تجري في الصحراء و رجال مدججين بالأسلحة و ملثمين يلاحقونها ويطلقون النار عليه لا بهدف قتلها



و إنما لإتعابها كما يقولون.



فهي الضحية الجميلة الضعيفة,ابنة الصحراء المضطرة إلى الهرب. إثر ذلك، يطلق هؤلاء النار على أصنام إفريقية و يهشمونها،



يهشمون رموزا لثقافة تلك الأرض التي فرضوا عليها قوانينهم.



في الفيلم طوارقي يعيش مع زوجته و ابنته و راع صغير يعمل عنده في سلام أوهم يحاولون ذلك و يبقون في المكان، يتشبثون به و



ذلك بالرغم من رحيل كل جيرانهم. هاته العائلة رمز من رموز الصمود في الفيلم.



الجدير بالذكر أيضا هو أن المرأة في "تمبكتو" رمز قوي من رموز الصمود هي أيضا و ذلك رغم استهدافها المتكرر. فهي البنت



الت تجلد لأنها كانت تغني فتبكي و تصرخ في البداية من الألم ثم تواصل الغناء و لسعات الصوت تلهب ظهرها و هي بائعة السمك



التي ترفض ارتداء القفازات و تصرخ قائلة أنهم أجبروا النساء على ارتداء الحجاب و الآن يفرضون القفازات و عملها المتمثل في



بيع السمك يستدعي غسله و هذا لا يمكن أن يتم بالقفازات. تصرخ في وجه المتطرفين الذين أمروها بارتداء القفازات و تقول لهم بأن



يقطعوا يديها إن أرادوا.



حتى مجنونة الحي، الشخص الوحيد الذي يحق له أن يفعل و يقول ما يشاء في الفيلم هي امرأة.



فهي تجوب الشوارع عارية الشعر و تقول لبعض المتطرفين في الشارع أنهم أغبياء و تفتح ذراعيها واقفة أمام سيارتهم و هم يهمون



بالدخول إلى الحي كأنها تحميه من غزوهم. على عكس باقي النساء اللاتي يرزحن تحت قهر هاته الجماعة و يمتثلن لها حتى في



هندامهن، المجنونة ترتدي ملابسا ملونة و تزين شعرها بربائط ملونة و تجوب الشوارع حاملة ديكا على كتفها. هي شخصية موجودة



في الواقع و هي الوحيدة الحرة لأنها بالنسبة للجميع، لا عقل لها و هي كما كل المجانين في السينما صوت الحق، صوت الضمير



الاجتماعي، صوت المسكوت عنه. أحد قادة المتطرفين الذي بدا الجانب الإنساني من شخصيته بارزا جدا في الفيلم و كان ذلك محل



انتقاد من العديد لأن الشخصية الواقعية بالغة التوحش، كان يذهب إلى سطح البيت حيث تسكن المجنونة يستلقي هناك و يرقص



رقصة بدت لي قريبة إلى حركات الديك. كان يدخل عالم الجنون على ذلك السطح فنلامس أكثر جانبه الإنساني و لكن ذلك يتم بعيدا



عن باقي المجموعة التي سرعان ما ينصهر فيها حينما يعود إلى الفضاء العام. في واقع قاس كذلك الذي يعيشه سكان ذلك الحي في



شمال مالي، الجنون هو الطريق إلى الحرية التامة، حرية التعبير، حرية الهندام...



ينضاف كذلك رمز مهم جدا نراه طوال الفيلم و إن كان صوته، صوت الحكمة و الاعتدال ألا و هو إمام الحي. إمام يحترمه



المتطرفون و إن لم يصغوا إليه. هو شخصية تبدو على وجهها السماحة و الطيبة. يذكر المتطرفين بهدوء و حزم في ذات الوقت بأن



الدين الإسلامي دين رحمة و يستشهد بالقرآن و السنة حتى يدعوهم إلى نبذ العنف و النأي عن ترويع المتساكنين و عدم إكراه النساء



على الزواج منهم. و لكن صوته يظل للأسف خافتا و لا يصغون إليه و يواصلون بطشهم و عنفهم باسم الإسلام الذين يسيئون إليه



بتصرفاتهم كما قال الإمام.



أما أروع المشاهد بالنسبة لي الذي جمع بين الهزلي- الدرامي الحاضر في كل الفيلم و الشاعرية و الرمزية فهو ذلك الذي نرى فيه



أولادا يلعبون كرة القدم....من غير كرة قدم....فهي ممنوعة. أولئك الذين يتحدثون بمرح ي أزقة الحي عن لاعبي الكرة المشهورين



زيدان و مسي يمنعون لعب الكرة فما ذا فعل الأطفال؟ قرروا لعب كرة القدم دون كرة قدم! يعجز اللسان عن التعبير عن روعة و



بلاغة هذا المشهد دون كلمات. لا بد من مشاهدته مرة و اثنين و ثلاثة.



قد لا يكفي مقال للحديث عن "تمبكتو". قد تكون بعض الانتقادات التي وجهت إليه في تناوله للأحداث التي ضربت شمال مالي و في



تقديمه لصورة المتطرفين أو لصورة "مثالية" للطوارق جديرة بالتمعن فيها و لكني شاهدت هذا الفيلم بكل حواسي و بقلبي منذ أول



مشهد له. أبحرت معه في عالم من الشاعرية و الجمال و فضلت أن أتناوله في هذا المقال من الناحية الفنية و هو قطعة فنية متميزة



تدعو إلى الحرية و السلام .



أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 18.261718.3617
يورو​ 20.049520.1629
جنيه إسترلينى​ 24.092624.2337
فرنك سويسرى​ 19.610919.7204
100 ين يابانى​ 15.004215.0901
ريال سعودى​ 4.86824.8951
دينار كويتى​ 59.968760.4519
درهم اماراتى​ 4.97124.9996
اليوان الصينى​ 2.86492.8842

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 1,103 إلى 1,126
عيار 22 1,011 إلى 1,032
عيار 21 965 إلى 985
عيار 18 827 إلى 844
الاونصة 34,299 إلى 35,010
الجنيه الذهب 7,720 إلى 7,880
الكيلو 1,102,857 إلى 1,125,714
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 10:23 صـ
19 رمضان 1445 هـ 29 مارس 2024 م
مصر
الفجر 04:20
الشروق 05:48
الظهر 11:60
العصر 15:30
المغرب 18:12
العشاء 19:30