حكومة ”البوكيمون” .. شريف اسماعيل سابقاً
بقلم علاء طه الجورنالجيعرّت "البوكيمون جو" العقل الرسمي لمصر.. خرج السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم الحكومة مساء الأربعاء في مداخلة هاتفية لبرنامج 90 دقيقة مع معتز بالله عبد الفتاح ليعلق علي اللعبة ويؤكد أن الدولة تفحصها لمعرفة خطورتها علي الأمن القومي، مخافة كونها من حروب الجيل الرابع.. فزايد عليه هاني الناظر، رئيس المركز القومي للبحوث سابقاً، ليحذر من استخدامها باعتبارها وسيلة للتجسس قائلاً:"إحنا متعريين قدام العالم"، واكتمل المشهد بفتوي من عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، تصف لاعب البوكيمون بشارب الخمر، ليتفجر جدل الفتاوي الدينية حول أن اللعبة مكروهة أم محرمة، وليتباري خبراء الاتصالات في وصف خطورة اللعبة علي الأمن القومي.
انتهت مشاكل الفقر والمرض والجهل في الوطن.. وكشفت الحكومة لصوص صوامع القمح، وحصلت ضرائبها من كبار المتهربين، وحفظت كرامة الجنيه أمام الدولار، وحلت مشاكل الاستثمار، واعادت السياحة لسابق عهدها، وحققت الأمن والأمان، ورفعت الأجور.. لتتفرغ لفحص ألعاب الكمبيوتر وأخطارها علي الأمن القومي.. حكومة مرفهة تخاطب شعباً يرفل في النعيم ولا يشغلها سوي اصطياد البوكيمون.
وجدد الأزهر الخطاب الديني، ووأد التطرف والإرهاب، ليتفرغ وكيله للإفتاء في لعب البوكيمون.
أنه مجتمع البوكيمون والعبث والفوضي بكل ما تعني الكلمة.. فرجل البحث العلمي يتبني أفكار المؤامرات والحروب الوهمية، ورجال الدين ينشغلون بفتاوي التسلية ومسئولو الحكومة يهدرون طاقتهم في فحص اللعبة.
"بوكيميون جو" لعبة اطلقتها شركة يابانية منذ أيام علي الهواتف، لتتحول إلي هوس عالمي جديد، ما بين التسلية والضحك.. ولم تتحرك المخابرات الأمريكية بعد لفحصها لأنها مجرد لعبة وفقط، رغم أن الأمريكان حسب محركات البحث أكثر من قاموا بتحميلها في العالم، لكن حكومتنا قررت الفحص خشية الاختراق لحدودنا الأمنية.. ورغم أن السعودية والإمارات وقطر تأتي في مقدمة الدول العربية تحميلاً للعبة لم يتشنج شيوخها لاطلاق فتاوي البوكيمون بعد.
وسرعان ما انقسم المصريون بشكل مدهش ما بين مستخدمي بيكيمون شباب يسخرون من التحرك الحكومي والفتاوي العمياء والخبراء المرتعدون، وما بين مسئولين مسنين يحذرون ويهددون.
تناسي الجميع أنه في عصر الأقمار الصناعية التي ترصد لحظة بلحظة ما فوق الأرض وما تحتها، وفي زمن وفرة المعلومات لا تحتاج أجهزة الإستخبارات لعبة للتجسس.. كل أوراق اللعب في العالم مكشوفة.. والفارق الوحيد هو الإرادة والإدارة السياسية.
أخطر ما في ظهور البوكيمون في مصر أنها تكشف تفاهة المجتمع وضآلة العقول وضيق الصدور بكل ما هو جديد وبكل ما هو مسلي كأننا في وطن شعاره النكد والتكشيرة ووجهه البؤس.. وكارثة صائدو البوكيمون المصريون أنهم متهمون بتعريض الأمن القومي للخطر، وباحتساء الخمر في الشوارع.
تخيل أن الصحافة العالمية التي كانت مشغولة برصد نوادر وطرائف لعبة البوكيمون بداية من الفتاة التي انفصلت عن حبيبها لأنه اصطاد بوكيمون في غرفة نوم صديقته السابقة.. والفتاة التي خرجت تصطاد بيكمون لتعثر علي جثة حقيقية، فجأة انشغلت بردود الفعل الكارثية والعبثية الرسمية في مصر من فتاوي وفحوصات أمنية.. العالم يضحك علينا فكفي انشغالاً بالتوافه.