”يوم الخصوبة” ꞉ حملة توعوية للحث على الإنجاب تثير استهجان الإيطاليين

قد تبدو ردة فعل الايطاليين إزاء الحملة الاتصالية التي أطلقتها وزيرة الصحة بياتريس لورندزين استعدادا "ليوم الخصوبة" الذي سيتم الاحتفال به يوم 22 سبتمبر 2016 لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي مبالغا فيها و قد يستعجب لها المتابع العربي لما يكتسيه الإنجاب من أهمية قصوى في مجتمعاتنا.
لكننا لو تمعنا في موضوع الاحتقان في الشارع الإيطالي، لفهمنا ان الاوساط السياسية والثقافية و الجمعياتية و المواطنين الإيطاليين بصفة عامة لم ينددوا بحملة الاتصال دون أسباب مقنعة.
اذا انطلقنا من فكرة إطلاق يوم الخصوبة و الأهداف المشروعة و السامية من ذلك فلا لوم على وزارة الصحة الإيطالية التي تسعى الي الحد من ظاهرة تهرم المجتمع في إيطاليا 
وتقلص نسبة الإنجاب بشكل يهدد التوازن الاجتماعي في البلاد.
فوفقا لآخر إحصاء عمومي لسنة 2014 بخصوص نسبة الخصوبة (معدل عدد الابناء الذين تنجبهم كل امراة) تبدو إيطاليا من بين البلدان التي تشهد فيها هذه النسبة أكثر انخفاضا في أوروبا و ذلك ب 1،37%. فمن واجب السلط العمومية ان تتخذ الإجراءات اللازمة للحث على الإنجاب بما فيه خدمة للبلاد واقتصادها و للصالح العام.
وبمناسبة يوم الخصوبة سيتم تنظيم مؤتمرات في مدن مختلفة ففي بادفا سيتم تناول كيفية معالجة العقم التكاثري أما في بولونيا فسيحاول المشاركون من أخصائيين و غيرهم الإجابة عن السؤال التالي "هل يمكن للطب العمومي أن يدعم الخصوبة؟" و في روما سيتساءلون عن إمكانية " المحافظة على الخصوبة وحمايتها من مرض السرطان" في الظاهر تبدو هذه المبادرة ليوم "الخصوبة" مشروعة و محمودة. فما الذي أثار استهجان الإيطاليين
وسخطهم؟ 
استعدادا لهذا الحدث الذي يندرج في إطار المخطط الوطني للخصوبة، قامت وزارة الصحة بحملة اتصالية لاسيما على وسائل التواصل الاجتماعي مستعملة صورا و شعارات صدمت المجتمع الإيطالي بمحتوياتها و بنبرتها الاستفزازية و الساخرة أحيانا الذي رأى فيها جزء كبير منه إهانة لمن ليس له القدرة على الإنجاب، لمن لا يريد الإنجاب و لاسيما المرأة التي "تنتهي صلاحيتها بانتهاء خصوبتها" ( إحدى الصور تتضمن صورة امرأة تنظر إلى الساعة ويقول الشعار"ليس للجمال سن أما الخصوبة فلها سن") و رجعية لا يقبلها مجتمع واع يدافع عن حرياته الخاصة و يحميها من أي تصرف للدولة يمكن ان يمس بها أو يهينها باسم المصلحة العامة.
وهو يقظ يدافع عن حقه في التقدم و المحافظة على مكتسباته و لا يسمح بالرجوع الى الوراء.
من بين الشعارات التي تم استعمالها "تحرك لا تنتظر طائر الوقواق" و"ليس للجمال سن أما الخصوبة فلها سن" وهو موجه إلى النساء بما أن امرأة تمسك بساعة رملية هي التي توجد على الصورة . كما أن شعارا آخر ذا نبرة تخويفية يمس النساء ألا و هو"تأخير الأمومة يؤدي إلى الابن الأوحد هذا إن جاء". ومن الشعارات أيضا نذكر "أن تنجبوا و أنتم شبان هو أفضل طريقة لأن تكون مبدعين". وقد أثار هذا الشعار غضب العديد من الشباب الذي يعانون من نسبة بطالة عالية تمس فئتهم بصفة خاصة,2) 39 في يوليو2016 وهوفي ارتفاع) وهم يرون أنه كان من الأجدى أن تعمل الدولة بجدية لخلق أكثر فرص عمل وللدعم الاجتماعي للشباب كي يشعروا بالأمان ويقدموا على الحياة بتفاؤل ويمكنهم حينئذ أن يفكروا في الإنجاب.
ولعلنا نضيف أيضا أنه يمكن لسياسة أكثر إدماجية للمهاجرين الموجودين على التراب الإيطالي وخاصة أبناءهم الذي يولدون و يترعرعون في هذه البلاد أن تساهم بنجاعة في مقاومة التهرم الاجتماعي و في بناء مجتمع متنوع و متماسك في ذات الوقت.