حيتان ”الواتس آب” يلتهمون الإقتصاد المصري
بقلم محمد سليمان الجورنالجيإذا رغبت في التعرف على الواقع الكارثي، الذي يعيشه الاقتصاد المصري، ويتحمله فقط المواطن البسيط، إتجه لشارع عبد العزيز بوسط البلد.. الزيارة قد لا تكلفك كثيراً، إذا استقللت المترو ستدفع "جنيهاً مصرياً" واحداً فقط. ولكن حاول أن تنسى اسم "الجنيه" الوطني عندما تدخل أي محل للشراء فالمُهيمن، وصاحب الأمر، في رفع الأسعار الدولار .. عملة "العم سام" هي كلمة السر!
دخلت أحد المحال وطلبت المنتج وتعرفت على السعر وقررت أن استخدم كل أساليبي "الماكرة" في الحصول على اقل سعر، وبعدها بدأت رحلة التنقيب في عقول التجار لأكثر من ثلاث ساعات, لأكتشف خلالها أن لكل تاجر سعر، وبرغم تواجد قائمة أسعار لدى الجميع إلا أنها بلا قيمة فالسعر يتغير كل لحظة، والسر عند الجميع تقوده قائمة أسعار الواتس آب.. حاولت بكل الطرق معرفة مصدرها المتحكم فيها، ولكن فشلت.. فقط قالها لي أحد الشباب البائعين:" دي حيتان يا عمي بتتحكم في البلد وبتكسب بالعبيط ".. حاولت البحث أكثر فعرفت أن السعر يتغير بحسب تغير سعر الدولار وحوت رسائل الواتس آب يتابع ويرسل لأصحاب المحال، فالشركات الكبيرة والتوكيلات التي لها مكاتب بالشارع لا دور لها.. فقط مفتوحة، لكن الشعار المرفوع: "لا توجد بضاعة". سألت موظفة: "أنتم شركة كبيرة، وأحد أهم وكلاء الشركات العالمية، هل يعقل عدم وجود أجهزة وأنتم تمتلكون خط إنتاجها؟ كانت الإجابة:" ستجد بضاعتنا بالمحال التجارية، بالنسبة لنا لا توجد بضاعة، والموجود هو للعرض فقط".. مرت الساعات المريرة ما بين شراء تذكرة المترو إلي غياب الأجهزة عند الوكيل.. استسلمت للأمر الواقع، ولقوانين الحيتان والعرض والطلب ولوائح وأسعار الواتس آب.. رحلة غريبة بين حيتان مجهولة مثل الأفلام البوليسية تدير كل شئ مثل عرائس المارونيت، والسوق تحول إلي استاندات لعرض البضائع التي تبتز أسعارها الجيوب والأعصاب.. لا رقابة ولا محاسبة.. لنا الله ولهم الثروات التي يراكمونها بالأطماع والرغبات وبقوة الدولار وضعف الجنيه.
قررت العودة لأول محل وقلت له:هل تتذكرني ؟ أجاب: نعم.. قلت له:" عايز الثلاجة اللي سعرها ٥٩٠٠جنيه ال١٤ قدم"، فرد بكل هدوء:" لحظة"، وفتح الهاتف، ونظر لي وقال:" لقد ارتفع سعرها عالواتس.. أصبح الآن ٦٦٠٠ جنيه".. ارتفعت٧٠٠جنيه في أقل من أربع ساعات. قد تندهش وتعود مؤجلاً قرار الشراء، ولكن تأكد أنك لو قررت أن تشتري خوفاً من استمرار ارتفاع الأسعار، فإنك لن تحصل على فاتورة مبيعات رسمية، فبرغم مكاسب الحيتان، إلا أنهم يتهربون من دفع الضرائب في ظل غياب رقابي يجعلك تتشكك وتتهمه بالشراكة في عمليات "تقليب" الغلابة فى زمن اقتصاد تحديد الأسعار بالواتس آب.