الجمعة 29 مارس 2024 03:29 مـ 19 رمضان 1445هـ
الجورنالجي
  • رئيس مجلس الإدارة أحمد يس
  • رئيس التحرير علاء طه
مقالات

الهيمنة الرقميّة العالميّة: هل يمكن مواجهتها عربيّا؟

فاتن فرادي
فاتن فرادي

تناول مؤخّرا المؤتمر الثاني للإعلام العربي الذي نظّمه اتحاد إذاعات الدول العربيّة محور "الهيمنة الرقمية العالمية وسبل مجابهتها عربيّا"

ويندرج المؤتمر في إطار جهود هذا الاتحاد المتخصّص في الشأن الإعلامي العربي وتحديدا القطاع السمعي والبصري منه المنضوية ضمن مساعي جامعة الدول العربية لوضع استراتيجية عربية مشتركة تهدف إلى مواجهة التحديات التي تطرحها شركات التكنولوجيا الرقمية العالمية و منصّاتها والدور الريادي الذي تلعبه في الأسواق العالمية. أثارت النقاشات عديد التساؤلات حول سبل التعامل مع هذه الشركات والتصدي لآثارها السلبية على مجتمعاتنا .

وأوّل سؤال يتبادر إلى ذهني هو عمّا يقصد به بالهيمنة الرقمية العالمية فكثيرا ما نسمع عنها وعن الخطر الذي تمثّله لمجتمعاتنا.

تعني الهيمنة الرقميّة هيمنة شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة وأهمّها تلك التي يطلق عنها GAFAM
(Google, Apple, Facebook,Amazon, Microsoft) على الأسواق ومن ثمّة التفافها كالأخطبوط على كافة المفاصل الحيويّة لمجتمعاتنا.

تتجاوز رؤوس أموال هذه الشركات الناتج الداخلي الخام لدول فقيمة هذه الشركات الخمسة في البورصة تفوق الناتج الخام لليابان أو فرنسا أو ألمانيا[1]. كما أنّها تسيطر على أسواق البورصة . وليس لها منافسون أقوياء فعلى سبيل المثال، 90% من البحوث تمرّ ب Google وقد ازداد توسّعا باشترائه سنة 2006 Youtube وهي منصة الفيديو عند الطلب التي تنعم بمشاهدة عالية جدا تتفوق بها على القنوات التلفزيونية.

أمّا Apple ففي أواخر سنة 2019 فقد بلغت أرباحها نسبة 66% من أرباح سوق الهواتف الذكية وبالنسبة ﻟ Microsoftفإنّ 88% من الحواسيب تستعمل نظام التشغيل الذي توفّره وهو Windows.

هيمنة هاته الشركات لا تقتصر على الميدان الاقتصادي وإنّما تمتدّ إلى المجال السياسي ،حيث يصل تدخّلها إلى حدّ التدخّل في نتائج التصويت. وهو ما حصل في فضيحة Cambridge Analytica التي كشفت عن تلاعب شركة Meta/Facebook بالمعطيات الشخصية لمستعمليها التي تمّ استعمالها في الحملة الانتخابية لدونلد ترامب سنة 2016.

كما أنّ هؤلاء العمالقة قد اخترقوا حياة كلّ مواطن ومواطنة، يكاد ألّا يخفى عنهم شيئ.ّفنحن نستعمل أدوات نظّن أنّنا نتحكّم بها وأنّها بخدمتنا ولكنّ الحقيقة هو أنّها تتحكّم بنا وأبرز مثال على ذلك، الهاتف الذكي الذي يحتوي على كلّ التطبيقات التي نستعملها ولا سيّما وسائل التواصل الاجتماعي . وما انفكّت التكنولوجيّات التي يستعملها تتطوّر إلى حدّ جعله يعوّض التلفاز والراديو والحاسوب ولا سيّما بالنسبة لجيل Z (المراهقون والشباب تحت سن 25).

لماذا نخشى كثيرا هذه الهيمنة الرقميّة ولماذا يتحتّم علينا مواجهتها؟

يمثّل انتشار استعمال الانترنت أرضيّة خصبة لترسّخ الهيمنة الرقميّة. إذ أنّ عدد مستخدمي الانترنت عالميّا يبلغ 4,9 مليار نسمة. كما أنّ 66% من سكّان الدول العربيّة يستخدمون الانترنت ( وفق تقرير ا اتحاد الدولي للاتصالات لسنة 2022). وهو ما يوسّع من رقعة تأثير شركات التكنولوجيا الرقميّة العملاقة على بلداننا ومواطنينا ومجتمعاتنا.

تتعدّد المخاطر المترتّبة عنها ومنها ما يمسّ بالدول وما يمسّ بالأشخاص وما يؤثّر سلبا على المجتمعات.
ويمكن أن نذكر منها التهديدات التي تحيط بخصوصية المواطن، بأمن البيانات والأمن السيبراني و انتشار الأخبار الزائفة وخطاب الكراهيّة، إلخ.

إنّ معظم هذه الشركات تستعمل منصّاتها للحصول على بيانات المستخدمين واستخدامها لأغراض تجاريّة. وغالبا ما تمثّل هذه المنصّات فضاء حرّا للتعبير تغيب أو تشحّ فيه الضوابط الأخلاقيّة وتنتشر فيه الخطابات المؤذية وأشكال العنف السيبراني.

تفطّنت بلدان كثيرة من قبلنا إلى هذه المخاطر. وجدير بالذكر أنّ هناك تجارب عالميّة للتصدّي لهذه الهيمنة وللحدّ من آثارها السلبيّة.
ولعلّ أكثرها نجاعة تلك التي تكتّلت فيها جهود دول متعدّدة مثلما هو الحال في الاتحاد الأوروبي الذي شرع في تكثيف جهوده منذ نهاية التسعينات وبداية القرن 21.

ومن بين الخطوات التي حقّقها الاتحاد الأوروبي، عقد أوّل اتفاق سنة 2015 بينه وبين المنصّات الرقميّة لمحاربة المحتويات الرقميّة الإرهابيّة وكذلك اتفاق المفوّضيّة الأوروبيّة مع Facebook, Microsoft, Twitter, Youtube على "ميثاق لمواجهة خطاب الكراهيّة على الانترنت" في مايو 2016، بالإضافة إلى ميثاق ضدّ الأخبار المضلّلة سنة 2018 تمّ تعديله سنة 2022 ووقّعت عليه 34 منصّة الكترونيّة من بينها Google, Meta, Twitter.

وفي مرحلة لاحقة، استنتج الاتحاد الأوروبي أنّ هذه المواثيق المبنيّة على الاتفاق مع المنصّات الرقميّة وعلى رغبتها في التعاون، لم تكن كافية. فبدأ في التشريع بإصدار نصوص تنظيميّة إلزاميّة كالتشريع الخاص بحماية المعطيات (General data protection regulation)الذي تمّ سنّه في مايو 2018 وقانون الخدمة الرقميّة (Digital Service Act) الذي تمّ سنّه مؤخّرا في نوفمبر 2022. ويمثّل هذا القانون تشديدا من الاتحاد الأوروبي وانتقالا ن مرحلة التنظيم الذاتي للمنصّات الرقميّة إلى التنظيم الإلزامي (Hard regulation).

فهل يمكن لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي أن تكون نموذجا ملهما للبلدان العربية؟
بالرغم من تعدّد الصراعات الجيوستراتيجيّة بين بعض الدول العربيّة ومن عدم وجود اتحاد عربي متماسك ومتآزر شبيه بالنموذج الأوروبي، فإنّ عناصر قوّة منطقتنا العربيّة متعدّدة ومن بينها وحدة اللغة والثقافة المشتركة. وهو ما من شأنه أن يجعل من تكاثف الجهود العربيّة المشتركة
في التعامل مع شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة أكثر نجاعة ، وأن يساهم في نشأة بدائل للمنصّات الرقميّة العالميّة المهيمنة يمكن أن تزاحمها على الأقلّ على المستوى الوطني في البلدان العربيّة.

وقد شرعت جامعة الدول العربيّة في رسم ملامح استراتيجيّة عربيّة لمواجهة الهيمنة الرقميّة وذلك بفضل جهود منظّماتها المتخصّصة ولا سيّما اتحاد إذاعات الدول العربيّة الذي أعدّ تصوّرا متكاملا حول سبل التفاعل عربيّا مع الهيمنة الرقميّة العالميّة.

فقد بات من الضروري إرساء سياسة موحّدة وشاملة وتشريعات ملائمة لمنطقتنا العربية تهدف إلى حمايتها من التأثيرات السلبية لهذه الهيمنة. وتكون ملزمة لشركات التكنولوجيا العملاقة حتى تمارس أنشطتها بصفة قانونية ببلداننا العربية، وهو ما سيحدّ من تغوّلها.

من الصعب لبلد بمفرده أن يلمّ في سياسته الوطنيّة بكلّ الجوانب التي تهمّ التعامل مع هذه الشركات.والأهمّ من ذلك هو أنّه لا يمكن أن يكون له قدرة تفاوضيّة فائقة على طاولة المفاوضات مع هذه الشركاتالعملاقة ولا أن يمثّل بمفرده سوقا مهمّة يمكن لهذه الشركات أن تحرص على تفادي توتّرات أو عراقيل لأنشطتها فيها.

ومن بين التحديات التي يجب رفعها جماعيا في منطقتنا العربية والتي أشار إليها إعلان المؤتمر الثاني للإعلام العربي المعتمد بتونس يوم 14 يناير 2023:

  • ضرورة التركيز على البعد التشريعي في تنظيم العلاقة القانونيّة مع المنصّاتِ الرقميّةِ العالميّة وتحديد الحقوقِ والواجباتِ بين الدول والشركاتِ الرقميّة
  • رصدِ المحتوى المسيء وتعريفِه بطريقةٍ واضحة، وتحديدُ الإجراءاتِ الوقائيّةِ للحدّ من انتشاره.
  • العمل على تنميةٍ إعلاميّةٍ شاملة تعزّزُ قدرةَ الصناعاتِ الرقميّةِ العربيّةِ وإداراتها على الابتكارِ، والنهوضِ بنوعيّةِ المحتوى والخدمات الإعلاميّة العربيّة، من خلال مجموعةٍ من الإجراءاتِ التحفيزيّةِ والإصلاحيّةِ على المستوى الوطني، تستهدف البيئةَ التشريعيّةَ المنظّمة للعمل الإعلامي. يجبُ وضعُ الخططِ الوطنيّةِ في إطارِ الإستراتيجيّةِ الإقليميّةِ الموحّدة،
  • تطويرِ أنظمةٍ ضريبيّةٍ إقليميّةٍ متّسقةٍ ومتماسكة لمواجهة تآكلِ الوعاءِ الضريبي ونقلِ الأرباح، وإيجادِ حلٍّ لمواجهةِ التحدّياتِ الضريبيّةِ الناشئةِ عن التحوّلِ إلى الاقتصادِ الرقميّ.
  • إدخالِ تعديلاتٍ على النظامِ الضريبي بالدول العربيّة ليشمل الشركاتِ التي ليس لها وجود مادّي، ولاعتمادِ نظامٍ ضريبي قائمٍ على مدى وصول خدمةٍ رقميّةٍ معيّنةٍ واستخدامِها بين مواطني بلدٍ معيّن، بما يضمَنُ خضوعَها لقوانينِ الضرائبِ المحليّة، بحدّ أدنى مقترحٍ قدره 15٪.
  • رفع الوعي بحرّيةِ التعبيرِ والرأي، والتمييزِ بينها وبين مفهومِ خطابِ الكراهيّة.
  • تحديدِ الآليّاتِ المناسبةِ لمكافحةِ انتشارِ المنشوراتِ الوهميّة والصورِ المحرّفة والأخبارِ الزائفة وخطابِ الكراهيّة، ولا سيّما على وسائلِ التواصل الاجتماعي
  • العمل على تحديدِ استراتيجيّة تكامليّةٍ بين الدول العربيّة لتعزيزِ إنتاجِ المحتوى العربي المستهدِفِ للمنصّاتِ الرقميّة يكون على مستوى المنافسةِ القادمةِ من الخارج، وخاصّةً منها منافسة منصّاتِ الإنتاجِ والبثِّ والتوزيعِ العالميّة، والعمل على تطويرِ المحتوى الإعلاميّ العربي خصوصاً المعروض على المنصّات الرقميّة
  • ضرورةُ العملِ الجماعيّ من أجلِ إنشاءِ منصّةٍ أو عدّةَ منصّاتِ مشاهدة حسبَ الطلب ومواقعَ عربيّةٍ موازية للشبكاتِ العالميّة.

وإلى جانب التهديدات المنجرّة عن هيمنة شركات التكنولوجيا الرقميّة العملاقة، لا شكّ في أنّ هناك بعض الفرص التي يمكن أن نستغلّها ونوظّفها لخدمة مصالحنا الوطنيّة والعربيّة.

يمكن لهذه الشركات أن تساهم في التشغيل وإن كانت قد قامت مؤخّرا بتقليص عدد موظّفيها، ويمكن أن يكون التشغيل أحد عناصر التوافقات بينها وبين بلداننا المستقبلة لها. كما يمكن لبلداننا الوصول إلى توافقات ضريبية تراعي مصلحة الدول والشركات ولا تكون مجحفة لكلا الطرفين.

ويجدر بنا التذكير أنّه قد تمّ فرض الحد الأدنى للضريبة على عمالقة التكنولوجيا. فقد توصلت مجموعة من أغنى دول العالم (G7) إلى اتفاق تاريخي يوم السبت 5 يونيو 2021، لإغلاق الثغرات الضريبية عبر الحدود التي تستخدمها بعض أكبر الشركات في العالم، ومعظمها من عمالقة التكنولوجيا الرقمية، GAFAM . وقد تبنت مجموعة العشرين الاتفاق في أواخر شهر يوليو 2021، وهو اتفاق يشمل جميع بلدان العالم.

كما أنّه من المهمّ إنشاء شراكات بين بلداننا العربيّة وهذه الشركات التي من شأنها أن تخدم مصالح الطرفين فتعود بالنفع على شعوبنا في ميادين متنوّعة وتساهم في إعطاء صورة إيجابية لهؤلاء العمالقة بتأكيد مسؤوليّتهم الاجتماعيّة.

وبين كلّ المخاطر التي ذكرناها والفرص التي يمكن استغلالها، لا بدّ لنا في منطقتنا العربيّة أن نسرع خطانا، فهذه الشركات العملاقة تتطوّر بسرعة فائقة وتغزو باستمرار مساحات جديدة في مجتمعاتنا واقتصاداتنا.

هذا بالإضافة إلى أنّه علينا أن نستعدّ لمواجهة تحدّي ضخم وجديد ألا وهو انترنت المستقبل 3.0 الذي يعتمد على سلسلة الكتل (Block chain). فمن المحتمل أن تظهر منصّات ومواقع جديدة تنهي سيطرة عمالقة التكنولوجيا الرقمية الحاليّين.
فهل نحن مستعدّون عربيّا لمواكبة هاته التطوّرات التكنولوجيّة المتسارعة؟

وهل ستنجح بلداننا العربيّة في توحيد صفوفها حتّى تكون قوّة وازنة في المفاوضات مع شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة الحالية أو في مستقبل غير بعيد شركات 3.0؟

هذا ما سنكتشفه في السنوات القادمة. فلا زال الطريق طويلا وشائكا.

[1] https://www.lafinancepourtous.com/decryptages/finance-et-societe/nouvelles-economies/gafa-gafam-ou-natu-les-nouveaux-maitres-du-monde/

فاتن فرادي الهيمنة الرقميّة العالميّة مواجهتها عربيّا

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 18.261718.3617
يورو​ 20.049520.1629
جنيه إسترلينى​ 24.092624.2337
فرنك سويسرى​ 19.610919.7204
100 ين يابانى​ 15.004215.0901
ريال سعودى​ 4.86824.8951
دينار كويتى​ 59.968760.4519
درهم اماراتى​ 4.97124.9996
اليوان الصينى​ 2.86492.8842

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 1,103 إلى 1,126
عيار 22 1,011 إلى 1,032
عيار 21 965 إلى 985
عيار 18 827 إلى 844
الاونصة 34,299 إلى 35,010
الجنيه الذهب 7,720 إلى 7,880
الكيلو 1,102,857 إلى 1,125,714
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 03:29 مـ
19 رمضان 1445 هـ 29 مارس 2024 م
مصر
الفجر 04:20
الشروق 05:48
الظهر 11:60
العصر 15:30
المغرب 18:12
العشاء 19:30