أتوبيس «أطفال بلا مأوى» ينجح في إعادة 59 طفلا لأسرهم وإيداع 103 بدور الرعاية
أصبحت مشكلة أطفال الشوارع أو الأطفال بلا مأوى تؤرق المجتمع المصري، خاصة بعد مصرع سيدة مشردة ومسن، وإنقاذ طفل من الموت، وتزايد تلك الظاهرة بشكل لافت للنظر في المدن الكبرى للمحافظات خاصة القاهرة والإسكندرية، ورغم محاولات الدولة والمجتمع المدني القضاء على هذه المشكلة ألا أنها لم تفلح حتى الآن.
ودفع ذلك وزارة التضامن الاجتماعي، إلى ابتكار حل جديد وهو عبارة عن أتوبيس أطفال بلا مأوى، والذي يذهب لأماكن تجمع الأطفال ويتعامل معهم فريق متخصص من الشباب، في محاولة لجذبهم لأماكن الإيواء أو لإعادتهم لأسرهم، وتحول الأتوبيس لملاذ آمن خلال فصل الشتاء ويتم توزيع البطاطين وإيواء الأطفال المشردين.
"فيتو" قضت يوما داخل أتوبيس أطفال بلا مأوى بمنطقة سيدي جابر بالإسكندرية لتتعرف عن قرب عما يحدث داخل الأتوبيس وكيف يتم التعامل مع أطفال الشوارع وقائدي كل مجموعة، فهل يكون الأتوبيس حلا للمشكلة؟
وقال طارق خليفة، مسئول إدارة الحالة، مشرف الأتوبيس إن المشروع هو نتاج خبرات أكثر من 25 عاما في التعامل مع أطفال الشوارع، والأتوبيس عبارة عن وحدة متنقلة لخدمة أطفال الشوارع ويعمل كمركز استقبال في محاولة لنقلهم لأماكن الإيواء أو إعادتهم لمنازلهم، ويتعامل الفريق الموجود بالأتوبيس مباشرة مع قادة أطفال الشوارع.
وأضاف خليفة، أن عناصر الجذب لطفل الشارع تكون بعرض السلبيات والخطر الذي يواجهه الطفل بسبب تواجده في الشارع، وإيجابيات تواجده في دار الإيواء أو عودته لمنزله وتقديم مساعدات للأسرة إذا كانت تحتاج من خلال وزارة التضامن الاجتماعي مثل معاش تكافل وكرامة وغيرها، ويكون في البداية هناك حوار مع الطفل والتركيز على ما يحبه، وقال: "كما نقوم حاليا بحملة لوقايتهم من الشتاء والعمل على إيوائهم داخل الأتوبيس لفترة محددة".
وكشف خليفة، عن مكونات أتوبيس أطفال بلا مأوى، وهي شاشة عرض وبلاي أستيشن وأنشطة حركية مثل الكرة، والرسم، وبها عيادة و5 أفراد هم أخصائي نفسي واجتماعي ونشاط وممرضة ومسئول عن الأتوبيس، وقال: "نتعامل مع الطفل لجذبه من الشارع لمكان أمان، وإذا احتاج الطفل النقل لمستشفى نقوم بذلك".
وأكد خليفة، أن هناك حالات تم إعادتها لأسرة أو أودعت في مراكز الإيواء، وأشار إلى أن الأتوبيس تعامل مع 502 طفل، وتم إيداع 103 حالات لمؤسسات رعاية، وتم إعادة 59 حالة لأسرهم وقال: "عند عودة الطفل للأسرة نحاول العمل على محو سبب تركه لأسرته، بمعنى متابعة الحالة وتوفير احتياجاته لعدم عودته للشارع مرة أخرى".
وأشار كريم محمد جابر، أخصائي اجتماعي، إلى أن التعامل مع الحالة منذ البداية هو المهم، وقال: "نحن نقوم بإجراء مسح للمنطقة المستهدفة ونتعامل مع قادة التجمعات، ونتعرف على الحالة الجديدة، ونكسب ثقتها في البداية عن طريق تحفيز الطفل لدخول الأتوبيس بواسطة الألعاب الموجودة وعناصر الجذب الأخرى، وبمجرد دخوله الأتوبيس يتعامل معه الأخصائي النفسي والنشاط".
وأثناء تواجدنا مع الفريق تمكنوا، من إقناع أحد الأطفال بالانضمام إليهم، وبدأ الإقناع بلعب الكرة، ثم انتقلوا للأتوبيس للتعامل معه والحالة لطفل يدعى "محمد ج" من محافظة القاهرة، ليتعامل معه أخصائي النشاط والنفسي.
ويقول أحمد مصطفى توفيق، أخصائي نشاط، إن حالة "محمد" بدأت بلعب الكرة ثم دخل الأتوبيس وكان يريد مشاهدة أحد الأفلام، والرسم وهي موهبة لديه، وتم هذا بالفعل، وأثناء ممارسة النشاط يقوم المسئول النفسي بالتعامل معه وإقناعه أما بالذهاب لدار إيواء أو العودة لمنزله.
وأوضح ماجد محمد فهيم، أخصائي نفسي، أن "محمد" لديه ميول للعودة لمنزله ولكنه متخوف من أن يكون عبئا على والده وهي أسرة فقيرة وله عدد من الإخوة، ويرى أن وجوده يزيد عبء والده، وتم إقناعه بالذهاب لدار الدفاع وهو أحد أماكن لإيواء أطفال الشوارع.
واستكمل أحمد شلبي، منسق الفريق،الحديث، قائلا: "في حالة "محمد" بعد إيداعه للدار عدة أيام سيتم التواصل مع أسرته لإعادته مرة أخرى لهم، ودراسة حال الأسرة وتقديم مساعدات مالية لهم من خلال الوزارة وبحث إمكانية صرف معاش تكافل وكرامة لهم".
وفي النهاية ذهبنا لدار الدفاع بمنطقة المطار، لإيداع "محمد" الدار وتسليمه غرفته، وفوجئ بعدد من أصدقائه داخل الدار من أطفال الشوارع.
