عيد الأضحى .. ومعاناة الفقراء فى بر مصر !!
كتب الدكتور محمد سيد احمد الجورنالجيفى مثل هذه الأيام من كل عام ومع حلول عيد الأضحى المبارك تكون الفرصة سانحة للمحللين الاجتماعيين المهمومين بشئون الوطن أن يرصدوا أحوال الفقراء والكادحين والمهمشين من شعب مصر بل ومعهم المستورين كما تصفهم الأدبيات الاجتماعية والسياسية بالطبقة الوسطى, ومحدودى الدخل كما تصفهم التصريحات الحكومية بشكل أكثر واقعية بعيدا عن التنظير عبر المقاعد الوثيرة والتى ينتج عنها تحليلات للبنية الطبقية بعيدة كل البعد عن الواقع المعاش.
وهنا يمكننا أن نرصد معاناة الغالبية العظمى فى بر مصر والتى تشكل ما يقرب من 90% يعيشون إما تحت خط الفقر أو فى حزامه, فمع تآكل مكتسبات الفئات والشرائح الطبقية الوسطى من المستورين فى بر مصر بفعل السياسات الحكومية التى تسير وفقا للسياسات الاقتصادية الرأسمالية التابعة والتى تفرض علينا آليات السوق فيقوم مجموعة من التجار المستغلين بفرض هيمنتهم على السوق فيلتهمون وينهبون دخول المستورين فيحولوهم الى محتاجين فيسقطون من فوق السلم الاجتماعي ليلتحقوا بالفقراء والكادحين.
ومع اقتراب عيد الأضحى دائما ما كان يسعى أبناء الطبقة الوسطى الأكثر تدينا والذين يشكلون الوعاء الأخلاقى للمجتمع لشراء الأضاحى تنفيذا للتعاليم الدينية, ويقومون بنحرها يوم العيد ويتم توزيعها على الفقراء والكادحين الذين لا تمكنهم ظروفهم من شراء الأضحية, وكان العيد رمزا للتكافل الاجتماعى حيث يقوم المستورين بإدخال الفرحة والسعادة والسرور الى نفوس الفقراء والكادحين والمحتاجين فيعم الوئام والسلم الاجتماعي فى بر مصر.
فماذا حدث اليوم وما هو الجديد هذا العام ؟ لقد ارتفعت أسعار اللحوم بشكل جنونى عجزت معه طبقة المستورين من شراء الأضحية, بل أصبح الكثيرين من أبناء هذه الطبقة ينتظر من يقدم له بعضا من لحم أضحيته من القادرين على شرائها ونحرها, ففى المناطق الشعبية والعشوائية الفقيرة وصل سعر كيلو اللحم الى 90 جنيها, وبالطبع يرتفع السعر كثيرا فى المناطق الأكثر رقيا, لكننا نتحدث عن - عموم بر مصر – لقد قابلت العديد من طبقة المستورين خلال الأيام الماضية والجميع يشتكى ويتحدث عن معاناته وعدم مقدرته على الوفاء بمتطلبات الحياة عامة ومتطلبات عيد الأضحى خاصة.
وذكر أحدهم وهو أستاذ جامعى أنه لن يستطع شراء أضحية هذا العام وسوف يضطر لشراء كمية محدودة جدا من اللحوم من منافذ بيع اللحوم المستوردة والتى يباع فيها الكيلو بخمسة وخمسون جنيها – رغم أنه لا يطمئن الى هذه النوعية من اللحوم - لتوزيعها على بعض أفراد عائلته ولن يتمكن من توزيع اللحوم على بعض الفقراء الذين كان يمنحهم لحوم أضحيته. وذكر آخر بأسي أنه لم يتمكن من شراء أضحيته هذا العام وأضطر أن يشترى لبيته وأمه وأخواته اثنان كيلو فقط وهو ما سبب له كثيرا من الحرج بين أفراد عائلته حيث تساءلوا لماذا قلت الكمية عن كل عام ؟! هذا هو حال الطبقة الوسطى أو كما يطلق عليها فى التراث الشعبى المصرى المستورين, فما هو حال الفقراء فى بر مصر.
بالطبع أحوال الفقراء والكادحين أسوأ بكثير ومعاناتهم تفوق كل تخيل فعندما تسير بشوارع المحروسة وتكون من المحظوظين الذين مازالوا فى خانة القادرين على شراء الأضحية, وبعد نحرها وتقطيعها وتجهيزها فى أكياس لتوزيعها على المحتاجين, وتسوقك الأقدار للذهاب الى أحد المناطق الشعبية أو العشوائية الفقيرة بل وفى الشوارع الرئيسية الكبرى داخل العاصمة, وتقف بسيارتك لتوزيع لحوم الأضحية فتجد نفسك عاجزا عن التوزيع نتيجة هجوم هؤلاء الفقراء عليك بشكل يدعو للآسي فما لديك لا يكفى 1 % ممن هجموا عليك وشلوا حركتك تماما وأخذوا يخطفون الأكياس من داخل شنطة سيارتك وكأن المجاعة بالفعل قد انتشرت فى بر مصر.
وبعد أن رصدنا أحوال ومعاناة الفقراء والكادحين والمهمشين, ومعهم طبقة المستورين ومحدودى الدخل فى بر مصر خلال عيد الأضحى نتساءل من هو المسئول عن معاناة هؤلاء جميعا ؟! أعتقد وبما لا يدع مجال للشك أن المسئولية تقع وبشكل مباشر على الرئيس وحكومته العاجزة عن تلبية احتياجات المواطن الفقير, تلك الحكومة التى لم تتمكن من تغيير السياسات الاقتصادية الرأسمالية التابعة التى أفقرت الغالبية العظمى من المصريين, ومازالت تعمل لصالح مجموعة من السماسرة المستغلين الذين يتلاعبون بقوت الشعب تحت حجة آليات السوق الحرة, الى متى يا سيادة الرئيس تقف متفرجا على رجال أعمال نظام مبارك وهم يزيدون من معاناة الفقراء والكادحين, هل تنتظر ثورة جياع أوشكت أن تنفجر, نتمنى عليك أن تتحرك قبل فوات الأوان, اللهم بلغت اللهم فاشهد.