شيخ الأزهر يطالب المصريين بنبذ الفرقة والخلاف في ذكرى 30 يونيو

أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن الإسلام دِين يقوم نظامه على العدل والإنصاف والمساواة بين الناس، مشيرا إلى أن الأقطار التي لم تَشهَد حروبًا إسلامية هي الأقطار التي تنتشر على أراضيها الكثرةُ الكاثرةُ من المسلمين. 

وأضاف خلال كلمته، في احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر، الذي عقد صباح اليوم، بقاعة مؤتمرات الأزهر، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن اعتناق غالبية الشعوب الأفريقية للإسلام لم يكن عن طريق حملة عسكرية، مشددا على أنه  ليس لأحد ولا لجماعة أو لطائفة مؤمنة أو غير مؤمنة، أن تتزيَّد على وسائل الدَّعوة التي حددها القرآن الكريم بتلفيقات أو توفيقات مزَيَّفة مُلغاةٍ.

وأشار إلى أنه من المحزن أن تُؤتَى الأمَّةُ اليومَ من شهوةُ الاختلاف والرَّفض وكثرةُ الكلام، ومن المؤلم أشدَّ الألم وأبلَغه أن تُصابَ أمَّتُنا بما يُشبه داءَ الانفصام في مسألة ارتباط العمل بالمسئولية الدينية.

ودعا شيخ الأزهر، المصريين إلى التلاحُم والتكاتُف من أجل إغلاقِ الأبوابِ وسدِّها في وجوه مُثيري الفِتَن والشِّقاق والعَبَث بالوطنِ.

وأوضح  أن الأزهر وإن كان لا يزال أمامه الكثير مما يجب إنجازه لمواجهة التحديات المتجددة كل يوم  إلّا أنني لا أرتابُ لحظةً أمام ضميري وأمام الله تعالى، في أن أؤكد أن الأزهر منصرِفٌ إلى العمل الجادِّ الدؤوب في صبر وأناة، رُغمَ العقبات التي خلَّفتها تراكُمات السنين، والأشواك التي تزرع على طريقه وهو يعمل في صَمتٍ، ويحاول أن يبتعد قَدْرَ الإمكان عن كل ما يستنفد الوقت والجَهدَ.
وأشار إلى أن الأزهر  كان –ولا يزال وسوف يظل بإذن الله – المؤسَّسةَ الإسلامية الكبرى التي يقع على عاتقها عبء أمانة الحفاظ على دين الله، وأن منهجه هو العاصم من الانزلاق بعيدًا عن الجادة إمّا يمينًا وإما يسارًا، وأنه الحارسُ الأمين على المحجَّة البيضاء التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَرَكْتُكُمْ عَلَى المحجة الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كنَهَارِهَا، لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ.." 

وأوضح الطيب أن الأزهرُ ماض في طريق العلم والتعليم، يفدُ إليه من أقطار العالم ما يقارب أربعين ألف طالب وطالبة من أبناء المسلمين من أكثر من مائة دولة، يتعلمون الإسلام مجانًا وحسبة لله تعالى، ويُنفَقُ عليهم من أموال مِصر ومن خزائنها وميزانياتها، حتى لو كان الوافد أو الوافدة من أغنى الدول وأكثرها ثراء وأشدِّها رفاهية.. وهذه مَكْرُمة لمصر، أختصها الله بها من بين سائر الدول الإسلامية، بل هي سِرٌّ من أسرار قُوَّةِ كِنانةِ الله في أرضه، ودليلٌ على أصالةِ شَعبِها وعراقة تاريخها وعظمة حضارتِها.
ودعا الطيب  شعبَ مصر العزيز، وهو يَستذكِر غدًا ثورةَ الثلاثين من يونيو، تلكم الثورة التي جمعت مصر والمصريين على قلب رجل واحد من أجل تحقيق إرادتهم الحاسمة في الانتقال بالوطن إلى مستقبل أفضلَ وتاريخٍ جديدٍ – أدعوكُم إلى نبذ كلِّ ما يؤدِّي إلى الفُرقةِ والاختلاف، وإلى التفرغ الكامل لبناء هذا الوطن الذي يَحتاجُ إلى سواعِدِكُم، والذي سوف تُسألون أمام الله تعالى عمّا فعلتم به، وما ذا قدمتم له من تضحيات، وما بذلتم في سبيل رُقِيِّه من جهود.

وقال الإمام الأكبر  أدعوكم – أيها المصريين - إلى التلاحُم والتكاتُف من أجل إغلاقِ الأبوابِ وسدِّها في وجوه مُثيري الفِتَن والشِّقاق والعَبَث بالوطنِ، وأن تكونوا عونًا وسَنَدًا  لولاة الأمور في جهودهم المخلصة في كلِّ ما يحقق المصلحة والمنفعة لمصر والمصريين.

واختتم الطيب  "بهذه المناسبة أتوجه لكم - سيادة الرئيس - وللشعب المصري والأمتين: العربية والإسلامية بأصدق التهاني، وخالص الدعاء إلى المولى – سبحانه! - أن يعيدَ علينا هذه الأيام ومصرُ في مزيدٍ من الأمن والقوة والمنعة والتقدم والرخاء.