دكتور جمال مصطفى: المصريون القدماء شخصوا الأورام الحميدة والخبيثة


استعرض الدكتور جمال مصطفى سعيد، أستاذ جراحة الأورام بكلية الطب بجامعة القاهرة، خلال لقاءه مع زوار المعرض التقدم الطبي الذي وصل إلي المصريين القدماء، في كافة فروع الطب، وذلك خلال لقاء الطب والتحنيط في مصر القديمة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين.
دعاوي الأفروسنتريك خزعبلات
وفي مستهل حديثه عن الطب والتحنيط ومدي براعة المصريين القدماء فيه قال “سعيد”: ما ظهر من دعاوي الأفروسنتريك ومن بعدهم الليبيين وغيرهم ممن ينسبون الحضارة المصرية القديمة إليهم وأنهم ينتمون إليها كلها تخرصات ومحض خزعبلات. فقد أثبتت الدراسات الجينية أن المصريين المحدثين هم أحفاد المصريين القدماء، وهذه الدراسات الجينية دقيقة جدا، وحتي مع إغفالها، فتفاصيل حياة المصريين في الوقت الراهن ودقائق معتقداتهم وعاداتهم وحتي لغتهم ومفرداتهم اليومية تثبت بما لا يدع مجال للشك مصرية المصريين وانتماءهم إلي أجدادهم المصريين القدماء.
ثم استعرض “سعيد”، تاريخ الطب والتحنيط في مصر القديمة، مشيرا إلي أن: المصريين القدماء، من خلال تقديسهم للجسد وأنه هدية من الإله والحفاظ عليه واجب ليصل للعالم الآخر سليما معافي، عرفوا الطب وخصصوا له المدارس لتعليمه ومنهم من نبغ فيه وأشهرهم الطبيب “إيمحوتب”، والذي لم يقتصر نبوغه علي الطب فقط، إنما امتد إلي عدة مجالات وفروع في العلم والعمارة والهندسة والطب، حتي نال عدة ألقاب ووظائفه أبرزها حامل أختام الملك وكبير الأطباء والمهندسين، ووزير الأشغال وغيرها.
أبرز سمات الطب عند المصريين القدماء
وأوضح “سعيد”: نال الأطباء بين المصريين القدماء قداسة وتقدير كبيرين، وتمتعوا بمكانة كبيرة في المجتمع المصري القديم. أيضا عرف المصريين القدماء، وحرصوا علي النظافة الشخصية واعتقدوا في أن الوقاية خير من العلاج، لذا كانوا حريصين علي النظافة. فـ المصريين القدماء أول من عرف غسول الفم والمضمضة في العالم، وأول م ن مارسوا حلاقة الرأس واللحية، واستخدام المبيدات الحشرية للتخلص من الحشرات، ومقصات الأظافر، بل أول شبكة مجاري عرفها التاريخ كانت في مصر.
وعن امتزاج الطب بالسحر تابع “سعيد”: امتزج الطب في مصر القديمة بحالة روحية وسحرية جميعها ظلت متلازمة كأنها علم واحد في جميع مراحل التاريخ المصري القديم. كما تميز الطب في مصر القديمة بالتوثيق، حيث وصلت إلينا 12 بردية طبية بها من النصوص والتي تشخص الأمراض وتصف لها العلاج والذي استخدم فيه النباتات العشبية وقد استفاد الطب الحديث من هذه البرديات.
تشخصي الأورام وتحديد جنس المولود
وأضاف “سعيد” استطاع المصريين القدماء من خلال براعتهم في مجال الطب تشخصي الأورام الخبيثة والحميدة ومعرفة الفرق بينهما، واستطاعوا أيضا تحديد جنس المولود، من خلال رش بول السيدة علي حبة قمح وحبة شعير، فإذا نبتت القمح كان المولود بنت، أما إذا نبتت حبة الشعير كان الجنين ولد، وإذا ما لم تنبت أيا منهما كان الحمل كاذب. واستطاعوا أيضا تشخيص أورام الثدي والمبايض والبروستاتا والغدد، بل أجروا عمليات البواسير، بالبنج الموضعي عن طريق استخدام خليط من الخل مخلوطا بمسحوق الرخام، أما البنج الكلي فاستخدموا فيه الحشيش والأفيون.
عملية “التربنة” عرفناها من مصر القديمة
وشدد دكتور جمال مصطفي سعيد علي أن: المصريين القدماء أول من قام بعملية التربنة، فعدما تصطدم الرأس يتمدد المخ لذا يجب التنفيس عنه بكسر جزء من الجمجمة، وهي العملية التي مازلنا نمارسها بنفس الطريقة، بل أن الطبيب الإنجليزي “وارن داوسن”، بجامعة أدنبروك البريطانية كتب ونشر رسالة شكر إلي الأطباء من المصريين القدماء، لتقديمهم هذه العملية إلي البشرية والطب بصفة خاصة. كما عرف الطب في مصر القديمة إجراء جراحات العظام والكسور، وعرض مومياء مازال بداخلها مسمار يلحم عظم الفخذ مع القدم.