من هم الشباب الدواعش؟ تقرير البنك الدولي

ارتفع عدد الاعتداءات الإرهابية سنة 2000 مع تسارع ملحوظ منذ 2011 وهو ما يجعل هذه الظاهرة موضوعا هاما للدراسة. 
وقد صدرت مؤخرا (أكتوبر 2016) دراسة للبنك الدولي حول " الإدماج الاقتصادي و الاجتماعي للوقاية من التطرف العنيف" واعتمدت على وثائق تم تسريبها وتتضمن معلومات عن المنخرطين في التنظيم الإرهابي داعش . وتفيد هذه الدراسة أن غالبية المنضويين ضمن تنظيم داعش ومعدل سنهم تقريبا 27 سنة هم أكثر تعليما من
الشباب في بلدانهم الأصلية. و3،43 % منهم قاموا بدراسات ثانوية و 4،25% بدراسات جامعية. 
وهو ما قد يثير اندهاشنا إذ أن العديد منا يظن أن الشباب الذي يقع في فخ التطرف الإرهابي هو شباب غير متعلم أو قليل التعلم كي يقترف الشناعات التي يقوم بها الإرهابيون و ينجر وراء الإرهابيين المسؤولين عن حشد المقاتلين. 
الدواعش يأتون من مختلف بلدان العالم و على رأسها بالنسبة للعالم المسلم: السعودية، تونس، المغرب، تركيا ومصر. أما بالنسبة للبلدان التي لا يمثل المسلمون فيها الأغلبية فإن أكبر عدد منهم هم من روسيا وفرنسا وألمانيا.وأغلب الانتحاريين هم من شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإفريقيا ما وراء الصحراء وآسيا الوسطى.
و من الجالب للانتباه أن نسبة الانتحاريين ترتفع بارتفاع مستوى التعليم.
وخلصت الدراسة إلى أن الإرهاب ليس مقترنا بالفقر وانخفاض المستوى التعليمي و أن" من بين العوامل التي تدفع الأشخاص إلى مغادرة بلدانهم والانضمام إلى مجموعات متطرفة هو انعدام الدمج الاقتصادي والاجتماعي في بلد الإقامة " . كما أن مقاومة البطالة ليست في مصلحة الباحثين عن العمل فحسب وإنما هي تساهم في وقاية مجتمعاتنا من هذه الآفة التي تفتك بنا جميعا في العالم العربي وخارجه.
فمن هؤلاء الإرهابيون الشبان؟ هم ليسوا في الأغلب بالفقراء أو بغير المتعلمين فما الذي يجعلهم فريسة سهلة للتنظيم الإرهابي؟ هم مهمشون وهذا التهميش الاجتماعي و/ أو الاقتصادي يجعل منهم فئة هشة وضعيفة تبحث عن التموقع داخل مجتمع لا يشعرون بالانتماء إليه ويبحثون فيه عن معنى لحياتهم. وبذلك يكون من السهل استقطابهم من قبل التنظيم الإرهابي داعش وأمثاله.
وهو ما يؤكده تقريرمركز الوقاية من الاتحرافات الطائفية المرتبطة بالإسلام حول عيّنة من الشباب الفرنسيين - أغلبهم من أصول عربية - و غير فرنسيين الذين انساقوا وراء التطرف باسم الإسلام وذلك في تقريره بعنوان " التحول التي تسببه الخطابات الإرهابية الجديدة للشباب " لسنة 2014. 
40% من الشباب الذين تم وضعهم تحت الدراسة قد عانوا في مراحل من حياتهم من انهيار عصبي بأعراض مختلفة. فحشد الشباب من قبل التيارات الإرهابية يتم بأكثر سهولة بالنسبة لمفرطي الحساسية. 
إذا من أهم طرق مقاومة التطرف الإرهابي هو دمج الشباب اقتصاديا واجتماعيا في المجتمع حتى يشعروا بالانتماء إليه و لا يصيبوا بالإحباط والانهيارولا يبحثوا عن حياة يتحقق فيها وجودهم الاجتماعي في إطار حاضنة إرهابية. لذلك لا بد من بعث فرص عمل جديدة ترضي تطلعات الشباب العربي وإن كان الوضع الاقتصادي متأزما في أغلب الدول العربية. وهو ما يؤكده البنك العالمي في دراسته التي تعزي أسباب النمو البطيء جزئيا إلى سياسات التقشف ولاسيما لا نخفاض أسعار النفط بالنسبة للدول المصدرة له. هذا بالإضافة إلى الحروب التي تعصف بالمنطقة و باقتصاداتها كما هو الحال 
في العراق وسوريا واليمن وليبيا و تراجع الاستثمارات الخاصة وهي القادرة على استيعاب أكبر عدد من طالبي الشغل. 
يظل الدمج الاقتصادي والاجتماعي عاملا أساسيا في مقاومة التطرف الإرهابي للشباب سيما في عالمنا العربي و لكنه لا يكفي بمفرده، وسائل أخرى هي أيضا ضرورية كتقديم إحاطة دينية للشباب أساسها خطاب معتدل ومنفتح على باقي الأديان يحبذ التعايش السلمي هذا بالإضافة إلى الحلول الزجرية.