محمود عبدالشكور: قلبي ومفتاحه معالجة حديثة ومعاصرة تفكك نماذج وأفكار قديمة وبالية


عبر حسابه الشخصي بالفيسبوك، قدم الناقد الفني محمود عبد الشكور، تحليلا لمسلسل قلبي ومفتاحه"، معتبرا أن المسلسل قد نجح في “معالجة حديثة ومعاصرة تفكك نماذج وأفكار قديمة وبالية”.
وأوضح “عبدالشكور”: انتهت حلقات "قلبي ومفتاحه" تأليف تامر محسن ومها الوزير وإخراج تامر محسن، بشبكة علاقاتها المعقدة، وبأزمات نسائها في مجتمع ذكوري، بحيث سيكون مناسبا جدا أن نطلق على الحكاية بأكملها عنوان "الحب في زمن أسعد".
أسعد هو وتد الدراما كما شرحت في بوست سابق، تنطلق منه كل الخيوط، ثم تعود إليه، ثم تهرب منه نهائيا في الحلقة الأخيرة، وهو موديل 2025 من شخصية المعلم الشرس في فيلم "السفيرة عزيزة"، بينما “ميار” هي تنويعة على شخصية السفيرة عزيزة، ويمكن اعتبار محمد تنويعة معاصرة على دور شكري سرحان، الذي نجح في "تحرير" سعاد حسني من أسرها، وهكذا فعل محمد مع ميار، مع اختلاف السياقات والتفاصيل، ولكن جوهر العلاقات والعقليات واحد لم يتغير.
ضرب المعلم في "السفيرة عزيزة" لم يقض على النموذج نفسه، وأظن أن القبض على أسعد لن يقضي على النموذج، الذي نراه في كل مكان، لرجال يظنون أن المرأة من بقايا المتاع.
وتابع: أريد الإشارة هنا الى عدة أمور هامة تبلورت نهائيا مع ختام الحلقات:
(1) المعالجة مزيج معقد من نوعين برعت فيهما السينما المصرية: واقعية إجتماعية، ورومانسية عذبة، والنهاية فيهما هذا المزيج أيضا بانتصار الحب، ووقوع أسعد في شر أعماله.
(2) العمل بأكمله مرتبط للغاية بتراث السينما المصرية السينمائي، فعناوين الأفلام التي تتصدر الحلقات، ليست فقط تحية لهذه الأفلام، ولكن خطوط الدراما تتماس في كل حلقة على حدة مع كل فيلم، كما أن الإحالة الى أفلام بعينها يذكرنا بالسفيرات عزيزة وتنويعاتهن في تلك الأفلام، ويذكرنا أيضا بـ "أسعدات" آخرين كن سببا في أزمات بطلات تلك الأعمال المعروفة، هذه مقارنة مستمرة بين الماضي والحاضر، تتجاوز تقديم التحية لأفلام يحبها المخرج، أو تعيش في الذاكرة.
(3) التأثر بتراث الفيلم المصري يأخذ شكلا أعمق عندما يعاد استدعاء تيمات شهيرة، مثل حكاية المحلل، بمعالجة مختلفة، تفتح على آفاق أكبر، كما شرحت في بوست سابق، كما أن تيمة انتصار الحب على الظروف الصعبة، هي تيمة الفيلم الرومانسي المصري الأشهر، وكذلك تيمة المعلم الشرير، التي أخذت هنا تنويعة مختلفة، وهناك مشهد في الحلقة قبل الأخيرة، يذهب فيه محمد الى أسعد، ويتحداه، ثم يضربه، وقد ذكرني هذا المشهد، ولا أعرف هل كان ذلك مقصودا أم لا؟، بمشهد ضرب شكري سرحان لعدلي كاسب في نهاية "السفيرة عزيزة".
(4) سؤال الحلقات الأعمق ليس عن قوة وقدرة الحب، ولكن عما يستحقه الحب للدفاع عنه، وعن المدى الذي يجب أن نصل إليه في التضحية، ولكن السؤال الأخطر عن أسعد، كيف ولماذا يعيش هذا النموذج الذكوري الذي توحش ماليا والذي يبدو متدينا دون أن يفهم جوهر الدين ومقاصد الشريعة؟ ما الأسباب التي يتكاثر من خلالها نموذج أسعد ؟
(5) تقول حكاية تامر محسن بتحليلها النفسي والإجتماعي لشخصيات من لحم ودم إن "الحب في زمن أسعد" ليس مستحيلا، ولكنه صعب وشاق، وإن المرأة تستحق ما هو أفضل، لأنها عنوان الحياة، وإن الخوف والقهر يشوهان الحب والتعبير عنه في كل زمان ومكان.
وأكد “عبدالشكور” علي: "قلبي ومفتاحه" معالجة حديثة ومعاصرة تفكك نماذج وأفكار قديمة وبالية، وتقدم التحية للسينما المصرية، التي انتصرت للسفيرة عزيزة، وضربت كل أسعد أكل حقوقها، وسجنها، واستغلها.
وها هو تامر محسن ابن السينما والدراما المصرية، يكرر هزيمة أسعد، ومكافأة ميار. هذا ما تستطيعه الدراما، فماذا يستطيعه المجتمع لتغيير هذه الأفكار وللفضاء على تلك النماذج الدرامية البائسة؟