وزارة العدل الأمريكية تبدأ نشر جزء من ملف إبستين..وانتقادات بتأخير الحقيقة
بدأت وزارة العدل الأمريكية، مساء الجمعة، نشر جزء من الملفات المرتبطة بقضية الاتجار بالجنس التي تورط فيها رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، بعد أشهر من الجدل والمماطلة، في خطوة أثارت ردود فعل سياسية وشعبية واسعة داخل الولايات المتحدة.
نشر جزئي بعد انتظار طويل
وأفادت وزارة العدل أن ما سيتم الكشف عنه قبل انقضاء المهلة القانونية عند منتصف الليل يقتصر على جزء فقط من ملف إبستين، رغم الاستعدادات السابقة لنشر مئات آلاف الوثائق.
وقال المسؤول الكبير في الوزارة، تود بلانش، إن الحكومة ستبدأ بإتاحة عدد كبير من المستندات، على أن يُستكمل نشر باقي الوثائق خلال الأسابيع المقبلة.
وأوضح بلانش، في تصريحات إعلامية، أن الوزارة تمتلك الصلاحية الكاملة لحجب الأسماء والمعلومات الحساسة، مشيرًا إلى أن الوثائق ستخضع لتعديلات جزئية بهدف حماية ضحايا القضية، لا سيما القاصرات اللواتي تعرضن للاستغلال.
لا لوائح اتهام جديدة
وأكد بلانش، وهو محامٍ شخصي سابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه لا يتوقع صدور لوائح اتهام جديدة في هذه القضية التي هزت الرأي العام الأمريكي لسنوات، رغم ما تحمله الملفات من معلومات وصور لم تُنشر من قبل.
غضب ديمقراطي في الكونجرس
وأثار قرار النشر المرحلي انتقادات حادة من قيادات الحزب الديمقراطي، حيث اعتبر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أن القانون الصادر عن الكونجرس واضح ولا يتيح للحكومة خيار الكشف الجزئي، وقال شومر في بيان إن وزارة العدل والرئيس الأمريكي ووزيرة العدل بام بوندي «يفعلون كل ما بوسعهم لإخفاء الحقيقة»، على حد تعبيره.
خلفية القضية المثيرة
وكان جيفري إبستين، أحد أبرز الأسماء في دوائر المال والنفوذ بنيويورك، محور شبكة واسعة لاستغلال فتيات قاصرات جنسيًا، يشتبه في تورط شخصيات بارزة من عالم السياسة والمال والترفيه فيها.
وعُثر عليه ميتًا داخل زنزانته عام 2019، في واقعة اعتُبرت رسميًا انتحارًا، لكنها فجّرت موجة من نظريات المؤامرة بشأن احتمال تصفيته للتستر على أسماء نافذة.
وعود بالشفافية وتأخير التنفيذ
وخلال حملته الانتخابية لعام 2024، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالكشف الكامل عن حقيقة قضية إبستين، داعيًا إلى الشفافية، إلا أن الإدارة تأخرت في تنفيذ هذا الوعد، ووصف ترامب القضية في وقت سابق بأنها «خديعة» من المعارضة الديمقراطية، مطالبًا الرأي العام بتجاوزها.
ورغم ذلك، لم يتمكن البيت الأبيض من عرقلة قانون أقره الكونجرس في 19 نوفمبر، يلزم وزارة العدل بنشر جميع الوثائق غير المصنفة المتعلقة بإبستين وشريكته غيلين ماكسويل وكل المتورطين في القضية، ومنح الحكومة مهلة 30 يومًا للامتثال.
قلق من التلاعب بالمحتوى
ولا يزال الغموض يحيط بطبيعة ما ستكشفه الوثائق المنشورة، إذ عبّر مسؤولون ديمقراطيون عن مخاوفهم من احتمال التلاعب بالمحتوى أو حجب معلومات جوهرية، وقال النائب الديمقراطي روبرت جارسيا إن وزارة العدل «لديها سجل سابق في التستر وتشتيت الانتباه»، على حد وصفه.
صور وأسماء محرجة
وتضم الملفات المنشورة قوائم بأسماء مئات النساء اللواتي وُصفن بأنهن «مدلِّكات»، حُجبت أسماؤهن بالكامل بدعوى حماية ضحايا محتملات، إضافة إلى صور لم تُنشر من قبل لشخصيات سياسية وثقافية بارزة، كما يرد اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دفتر اتصالات ضمن الملفات، من دون توضيح طبيعة العلاقة أو السياق.
ماكسويل المدانة الوحيدة
وتبقى غيلين ماكسويل، شريكة إبستين السابقة، الشخص الوحيد الذي أُدين في القضية، وتقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 20 عامًا بتهمة استقطاب فتيات قاصرات لصالحه، بينما توفي إبستين قبل محاكمته.
أسئلة بلا إجابات
ويرى مراقبون أن الوثائق، في حال نُشرت كاملة، قد تسلط الضوء على كيفية عمل شبكة إبستين، ومن ساعده، ولماذا تأخر الادعاء العام لسنوات قبل ملاحقته قضائيًا، في قضية لا تزال تمثل جرحًا مفتوحًا في الذاكرة السياسية والقضائية الأمريكية.









